وتخييل كاذب أو مشيئ في النميمة وبثّ روح الفرقة أو ألاعيب تقام بها في الأفراح.
قال الشيخ محمّد عبده : السحر عند العرب كلّ ما لطف مأخذه ودقّ وخفي ... وقد وصف الله السحر في القرآن بأنّه تخييل يخدع الأعين فيريها ما ليس بكائن كائنا ـ ثمّ يذكر الآيات ويقول : ـ ومجموع هذه النصوص يدلّ على أنّ السحر إمّا حيلة وشعوذة ، وإمّا صناعة علمية خفيّة يعرفها بعض الناس ويجهلها الأكثرون فيسمّون العمل بها سحرا لخفاء سببه ولطف مأخذه. ويمكن أن يعدّ منه تأثير النفس الإنسانية في نفس اخرى لمثل هذه العلّة. وقد قال المؤرّخون : إنّ سحرة فرعون قد استعانوا بالزئبق على إظهار الحبال والعصيّ بصور الحيّات والثعابين وتخييل أنّها تسعى. وقد اعتاد الّذين اتخذوا التأثيرات النفسية صناعة ووسيلة للمعاش أن يستعينوا بكلام مبهم وأسماء غريبة اشتهر عند الناس أنّها من أسماء الشياطين وملوك الجانّ وأنّهم يحضرون إذا دعوا بها ويكونون مسخّرين للداعي. ولمثل هذا الكلام تأثير في إثارة الوهم ، عرف بالتجربة. وسببه اعتقاد الواهم أنّ الشياطين يستجيبون لقارئه ويطيعون أمره. ومنهم من يعتقد أنّ فيه خاصّية التأثير وليس فيه خاصّية. وإنّما تلك العقيدة الفاسدة تفعل في النفس الواهمة ما يغني منتحل السحر عن توجيه همّته وتأثير إرادته ، وهذا هو السبب في اعتقاد الدّهماء (١) أنّ السحر عمل يستعان عليه بالشياطين وأرواح الكواكب. (٢)
وقد اقتفى أثره الشيخ المراغي في عبارة اختصرها من كلام استاذه الشيخ محمّد عبده. (٣)
وقال سيّد قطب ـ عند تفسير سورة الفلق ـ : والسحر لا يغيّر من طبيعة الأشياء ، ولا ينشئ حقيقة جديدة لها ، ولكنّه يخيّل للحواسّ والمشاعر بما يريده الساحر. وهذا هو السحر كما صوّره القرآن الكريم في قصّة موسى عليهالسلام من سورة طه (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى). وهكذا لم تنقلب حبالهم وعصيّهم حيّات فعلا ، ولكن
__________________
(١) جمع الدهيم وهو الأحمق السفيه.
(٢) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٤٠٠.
(٣) تفسير المراغي ، ج ١ ، ص ١٨٠ ـ ١٨١.