النوع الثالث : الاستعانة بالأرواح الأرضية الخبيثة ، ممّا عبّروا عنها بتسخير شياطين الجنّ. الأمر الذي يقوم به أصحاب الرقى والدخن والتعويذ والطلسمات. ولعلّ لهذا النوع سوقا رائجة في أوساط هابطة ولا سيّما العجائز من النساء وذوي العقول الساذجة.
النوع الرابع : التخييلات والأخذ بالعيون. وهذا النوع مبتن على أخطاء البصر والانصرافات الذهنية التي يستخدمها السحرة من هذا النمط. ويسمّى بالشعوذة على ما مرّ تفصيله.
النوع الخامس : استعمال آلات وأدوات صناعية وتركيبها تراكيب غريبة في أشكال وصور هندسيّة تستجلب أنظار الحاضرين وتوجب إعجابهم والضحك والسرور ، وهو لعب على اصول رياضية وهندسية ملهية ، تتداول في مجالس الأفراح.
النوع السادس : الاستعانة بخواصّ الأدوية ، مثل أن يجعل في طعامه بعض الأدوية المبلّدة أو المزيلة للعقل والدخن المسكّرة ونحو ذلك.
النوع السابع : تعليق القلب ، حيث يجد الساحر ضعيف العقل قليل التمييز ، فيلقي عليه أنّه يعرف الاسم الأعظم أو أنّ الجنّ يطيعونه ، فيصدّقه الضعيف ويتعلّق قلبه بما قال. وربّما استخفّ الساحر من عقله فيتمكّن من تنفيذ ما أراده في نفسه. ولمثل هذه الانفعالات النفسية مجال متّسع لتجوال أهل الشعوذة والتزوير والنفوذ في الشعور.
النوع الثامن : السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفيفة لطيفة ، بما يؤثر حبّا أو بغضا أو تأليفا أو تفريقا بين الزوجين أو المتحابّين وهو شائع كثير. (١)
وإذ قد عرفت أنواع السحر المعروفة عند العرب وعند الناس في مختلف الأجيال تجد أن ليس له واقع في جميع أنواعه ، بمعنى : التأثير في تغيير اتجاه المسير الذي جرت عليه الطبيعة تأثيرا خارقا للعادة. ومن ثمّ فقد أنكرته أصحاب المذاهب العقلية من علماء الإسلام ، ولم يعتبروه شيئا وراء التمويه والشعوذة والتخييل ، لأجل التلاعب بعقول السذّج الضعفاء.
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ٣ ، ص ٢٠٦ ـ ٢١٣.