أمّا الوجوه الباسرة فهي الكالحة العابسة. يعلوها ظلام وكدرة من سوء الوحشة وشدّة الفزع ، حيث «تظنّ ـ أي تخشى ـ أن يفعل بها فاقرة» وهي الداهية ، تفقر الظهر أي تقصمه.
وعليه ، فالتعابير الواردة في القرآن بهذا الشأن أربعة :
(تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ).
وجوه ناضرة ووجوه باسرة.
وجوه مسفرة ووجوه مغبرة.
وجوه تغشاها قطع من الليل مظلما.
فالاسوداد والبسور والاغبرار وغشاء الظلام ، كلّها تعابير تنمّ عن معنى واحد وهو كدرة وظلمة تعلو الوجه على أثر الانقباض والتقطيب. وليس المراد ذات اللون كما حسبه المعترض!
كلام عن السحر في القرآن
هل اعترف القرآن بتأثير السحر تأثيرا وراء مجاري الطبيعة ، حسبما يزعمه أهل السحر والنفّاثات في العقد؟
ليس في القرآن ما يشي بذلك سوى بيان وهن مقدرتهم وفضح أساليبهم بأنّها شعوذة وتخييلات مجرّدة لا واقعية لها. يقول بشأن سحرة فرعون : (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى). (١) فكان الرائي يتخيّل أنّ تلك الحبال والعصيّ تسعى ، أي تنزو وتقفز وتلتوي على أنحاء الحركات التي كان الناظرون يحسبونها حركات حياتية وأنّها حيّات ثعابين متهيّجة. قال الطبرسي : لأنّها لم تكن تسعى حقيقة ، وإنّما تحرّكت لأنّهم جعلوا في أجوافها الزئبق ، فلمّا حميت الشمس تمدّدت الزآبق فحصلت على أثره
__________________
(١) طه ٢٠ : ٦٦.