ما توهّمته العرب أنّ للشياطين رءوسا على غرار ما توهّموه في الغول. جاء في شعر امرئ القيس : «ومسنونة زرق كأنياب أغوال».
غير أنّ الشيطان في اللغة من أوصاف المبالغة مأخوذ من شاط يشيط إذا اشتدّ غيظا وغضبا. يقال : تشيّط إذا احترق غيظا واشتاط اشتياطا عليه إذا التهب غضبا. وكذا قولهم : استشاط عليه أي احتدّ عليه غضبا. واستشاط الحمام : نشط. واستشاط من الأمر : خفّ له. واستشاط فلان أي استقتل وعرّض نفسه للقتل. وأصله من شاط الشيء إذا احترق.
قال ابن فارس : الشيط من شاط الشيء إذا احترق. ومنه استشاط الرجل إذا احتدّ غضبا. قال ومن هذا الباب الشيطان. (١) ويطلق على كلّ متمرّد عات من الجنّ والإنس والدّوابّ ، فهو فعلان ، لتكون الألف والنون زائدتين ، كما في عطشان وغضبان ورحمان. أمّا القول. بأنّه من شطن ليكون على وزان فيعال فهو غريب ، إذ لم يعهد مثل هذا الوزن في صيغ المبالغة ، وإن قال به الخليل.
وهكذا الراغب رجّح كون النون أصليّة بدليل جمعه على شياطين! (٢)
وعلى أيّ حال فهو وصف يطلق على كلّ متمرّد عات بالغ في شططه كالمستشيط غضبا أو الملتهب غيظا. قال جرير :
أيّام يدعونني الشيطان من غزلي |
|
وهنّ يهوينني إذ كنت شيطانا |
وقال آخر : لو أنّ شيطان الذئاب العسّل ... قال الراغب : جمع العاسل وهو الذي يضطرب في عدوه ، واختصّ به عسلان الذئب. قال : وسمّي كل خلق ذميم للإنسان شيطانا. فقال عليهالسلام : «الحسد شيطان والغضب شيطان». فليس الشيطان اسما لإبليس ولا خاصّا بجنوده الأبالسة. وإنّما اطلق عليه كإطلاقه على سائر ذوي الشرور. قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ). (٣)
__________________
(١) معجم مقاييس اللغة ، ج ٣ ، ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥ و ١٨٥.
(٢) المفردات ، ص ٢٦١ ؛ ولسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٣٨.
(٣) الأنعام ٦ : ١١٢.