٣ ـ أن يتزوّج الرجال الصالحون ـ كلّهم أو بعضهم ـ أكثر من واحدة. وأن تعرف المرأة الاخرى الرجل ، زوجة شريفة في وضح النور لا خدينة ولا خليلة في الحرام والظلام.
الاحتمال الأوّل ضدّ الفطرة وضدّ طبيعة المرأة في شعورها الانوثي ، إذ ليس الاشتغال بالاكتساب والعمل ممّا يسدّ حاجة المرأة في الحياة ، فإنّ المسألة أعمق بكثير ممّا يظنّه هؤلاء المتحذلقون السطحيّون. فكما أنّ الرجل يكتسب ويعمل ولكن هذا لا يكفيه فيروح يسعى للحصول على العشير ، كذلك المرأة ، فهما من نفس واحدة على سواء.
والاحتمال الثاني ضدّ الاتّجاه الاسلامي النظيف وضدّ قاعدة المجتمع الإسلامي العفيف وضدّ كرامة المرأة الإنسانية المترفّعة عن الابتذال.
والاحتمال الثالث هو الذي يختاره الإسلام ، يختار في إطار محدود وعلى شرائط عادلة ، وهو العلاج النافع لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وللسيّد قطب هنا بحث مذيّل ومستوف بجوانب الموضوع ، وكذلك صاحب تفسير المنار ، والعلّامة الطباطبائى في الميزان ، وغيرهم من أعلام. (١)
ثمّ لم يكن هذا التشريع تشريعا مطلقا بل متقيّدا برعاية العدل وفي رقابة من تقوى القلوب. نعم إنّ هذه الأرض لا تصلح بالتشريعات والتنظيمات ما لم يكن هناك رقابة من التقوى في الضمير ، وهذه التقوى لا تجيش إلّا حين يكون التشريع صادرا من الجهة المطّلعة على السرائر الرقيبة على الضمائر. عندئذ يحسّ الفرد ـ وهو يهمّ بانتهاك حرمة القانون ـ أنّه يخون الله ويعصي أمره ويصادم إرادته ، وأنّ الله مطّلع على نيّته هذه ومملى فعله هذا ، وعندئذ تتزلزل أقدامه وترتجف مفاصله وتخور قواه (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ
__________________
ـ هذا الحدّ ، حيث هناك مشكلة أعمق هي مشكلة نتاج هذه الخليلة من أولاد ، هل يعتبرون أولادا شرعيّين أم ما ذا؟ ولذلك طالبت الحكومة الفرنسيّة أخيرا من الحكومات الإسلامية أن ترفع إليها أطروحة تعدّد الزوجات ، لعلّها تجد فيها حلا لمشكلتها القانونية في هذا الجانب من الحياة العائلية العويصة.
(١) راجع : في ظلال القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٤٠ ـ ٢٤٥ ، المجلّد الثاني ؛ وتفسير المنار ، ج ٤ ، ص ٣٥٧ ـ ٣٦٢ ؛ والميزان ، ج ٤ ، ص ١٩٥ ـ ٢٠٧.