بالنسخ التدريجى المسيّر مع الزمان ، ممّا قد مهّدت أسبابه منذ البدء وعلى عهد صاحب الشريعة.
* * *
ومن هذا القبيل مسألة قوامة الرجل على المرأة بشكلها العامّ ، بحيث تشمل ضربها ضربا مبرّحا موجعا! فلو كان قد نزل به الوحي ، ولكن جاء تفسيره على لسان صاحب الشريعة بما يجعله هيّنا في وقته ، وتمهيدا لقلع جذوره على مدى الأيّام :
أوّلا : جاء تفسير الضرب بكونه غير مبرّح ، أي غير شديد ولا مؤلم ، فيكون ضربا خفيفا لا يؤلم. والضرب إذا لم يكن مؤلما لا يكون ضربا في الحقيقة ، وإنّما هو مسح باليد مسحا في ظرافة! ومن ثمّ جاء تقييده بأن لا يكون بسوط ولا خشب أو آلة غيرهما ، ما عدا عودة السواك التي يستاك بها الرجل!
الأمر الذي يجعل من ظاهر دلالة الآية عقيمة ، ويرفض سلطة الرجل على إيلام زوجته بالضرب والأذى على كلّ حال.
أخرج ابن جرير عن عكرمة ـ في الآية ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اضربوهنّ إذا عصينكم في المعروف ، ضربا غير مبرّح». ورواه أيضا بإسناده عن حجّاج مضيفا إليه تفسيره «غير مبرّح» بغير مؤثّر. يعنى : لا يؤثّر في تغيير لون البشرة ، حتّى الحمرة.
وعن عطاء قال : قلت لابن عبّاس : ما الضرب غير المبرّح؟ قال : بالسواك ونحوه.
وعن قتادة : ضربا غير مبرّح أي غير شائن. (١)
والشين : العيب ، أي لا يوجب عيبا.
ومن ثمّ قال الشيخ أبو جعفر الطوسي قدسسره : وأمّا الضرب فإنّه غير مبرّح ، بلا خلاف. (٢) قال الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام : هو بالسواك. (٣)
قال القاضي ابن البرّاج الطرابلسي قدسسره : وأمّا الضرب فهو ضرب تأديب ، كما يضرب
__________________
(١) جامع البيان ، ج ٥ ، ص ٤٤ ؛ والدرّ المنثور ، ج ٢ ، ص ٥٢٢ ـ ٥٢٣.
(٢) وهذا يعني أنّ هذا التفسير «ضربا غير مبرّح» مجمع عليه عند الفقهاء.
(٣) تفسير التبيان ، ج ٣ ، ص ١٩١.