لكن جانب الإضرار بالمرأة ـ إذا لم تطق الصبر معه ـ يرفع سلطة الرجل على الطلاق حتّى في هذه الصورة ، إذ «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام». (١) بمعنى : أنّه لم يشرّع في الإسلام أيّ تشريع ـ سواء أكان تكليفا أم وضعا ـ إذا كان مورده ضرريّا. وهذه القاعدة حاكمة على جميع الأحكام الأوّلية في الشريعة المقدّسة (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). (٢) ولا شكّ في أنّ الحكم باختيار الرجل بشأن الطلاق ـ حتّى في صورة كون الزوجية أو تداومها حرجا على المرأة وضارّا بها ـ حكم ضرري ، فهو مرفوع ، فعموم سلطة الرجل على أمر الطلاق مخصّص بغير هذه الصورة.
وهكذا ورد صحيحا عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام فيمن كانت عنده امرأة ولا يقوم بنفقتها ... قال : كان حقّا على الإمام أن يفرّق بينهما. (٣)
على أنّ دليل عموم سلطة الرجل على الطلاق ضعيف ، بعد كون مستنده الحديث النبوي المعروف «إنّما الطلاق لمن أخذ بالساق». وهذا الحديث بمختلف طرقه ضعيف الإسناد على ما تقدّم عن الهيثمي في مجمع الزوائد. (٤)
وعمدة ما استدلّ به صاحب الجواهر على ذلك هو الإجماع ، (٥) ولم يكن دليلا لفظيا ليكون له إطلاق أو عموم. إذن ، فمستند العموم ضعيف الشمول.
وبعد ، فإذا لم يكن لعموم سلطة الرجل على الطلاق دليل قاطع وشامل وكان أمر الخلع منوطا بالترافع لدى السلطان كان مقتضى ذلك هو إمكان إلزام الزوج بالطلاق إذا كانت المصلحة قاضية بذلك ، ومدعما بحديث «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
وهناك بعض الشواهد عليه في بعض النصوص ، كما في حديث حمران عن الصادق عليهالسلام وفي آخره : «والطلاق والتخيير من قبل الرجل ، والخلع والمباراة يكون من قبل المرأة». (٦)
__________________
(١) وسائل الشيعة ، باب ١ من أبواب موانع الإرث ، حديث ١٠ ، ج ١٧ ، ص ١١٨.
(٢) الحجّ ٢٢ : ٧٨.
(٣) وسائل الشيعة : باب ١ من أبواب النفقات ، ج ٢١ ، ص ٥٠٩ ، رقم ٢ و ٦ و ١٢.
(٤) راجع : هامش كنز العمّال ، ج ٩ ، ص ٦٤٠ ؛ وهامش ابن ماجة ، ج ١ ، ص ٦٤١ ؛ ومجمع الزوائد ، ج ٤ ، ص ٣٣٤.
(٥) جواهر الكلام ، ج ٣٢ ، ص ٥.
(٦) وسائل الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ٢٩٢ ، رقم ٤ ، باب ٦ من كتاب الخلع.