وعليه ، فلا شأن للمرأة في أمر الطلاق والفراق ، وإنّما هو رهن إرادة الرجل حسب مشيئته الخاصّة.
* * *
غير أنّ المسألة بحاجة إلى دقة ونظرة فاحصة :
الطلاق ـ وهو الفراق بين المتآلفين ـ لا بدّ أن يكون عن كراهية معقّدة لا يمكن حلّها إلّا بالمفارقة. والكراهية إمّا من الزوج فالطلاق رجعي ، إذا كان عن دخول بها ولم تكن التطليقة الثالثة ، ولم تكن المرأة يائسة ، وشرائط اخر مذكورة في محلّها.
وإمّا من الزوجة ، فالطلاق خلعي ، لأنّها تبذل مهرها لتنخلع أي تتخلّص بنفسها وتنفلت عن قيد الزوجية.
وإمّا من الطرفين ، ويعبّر عن ذلك في مصطلحهم بالمباراة ، من المبارأة وهي التخلّص والفصل بين الشريكين أو المتزاوجين. يقال : بارأ شريكه : فاصله وفارقه. وتبارأ الزوجان : تفارقا.
فالطلاق في الصورة الاولى عن رغبة الزوج ، وفي الصورة الثانية عن رغبة الزوجة ، وفي الصورة الثالثة عن رغبتهما معا.
فهل الطلاق في جميع هذه الصور بيد الرجل محضا ورهن إرادته ، إن شاء فارقها وخلّى سبيلها ، وإن شاء أمسكها إضرارا بها؟ ولا شأن للمرأة في ذلك ولا لوليّ الأمر إطلاقا!؟
وإليك بعض الكلام حول هذه المسألة الخطيرة الشأن :
جاء في الحديث النبويّ المستفيض : أنّ امرأة ـ ولعلّها جميلة بنت ابيّ بن سلول ـ تزوّجها رجل دميم (كريه المنظر) وأصدقها حديقة ، فلمّا رآها كرهته كراهة شديدة ، فجاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبدت كراهتها له وقالت : إنّي لأكرهه لدمامته وقبح منظره حينما رأيته. وزادت : إنّي لو لا مخافة الله لبصقت في وجهه. قالت : إنّي رفعت الخباء فرأيته مقبلا في عدّة ، فإذا هو أشدّهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها. قالت : والله ، لا يجمع