هذا ، وقد أخرج أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد الأنصارية ، قالت : طلّقت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يكن للمطلّقة عدّة ، فأنزل الله ـ حين طلّقت ـ العدة للطلاق (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ). (١) فكانت أوّل من انزلت فيها العدّة للطلاق.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية يطلّق أحدهم ليس لذلك عدّة. (٢) وأمّا الرواية الاخرى عن قتادة بأنّ الطّلاق لم يكن له في الجاهليّة عدد وكانوا يراجعون في العدّة. (٣) فلعلّ الذيل زيادة من الراوي أو بيان للمراجعة بعد تشريع العدّة في الإسلام ، إذ لا تقاوم هذه الرواية ما تقدّمها من روايات مستفيضة.
* * *
وسؤال ثالث : هل الطلاق بيد الرجل ورهن إرادته على الإطلاق؟
ذهب المشهور إلى ذلك استنادا إلى قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّما الطلاق لمن أخذ بالساق». (٤) والحديث كما رواه ابن ماجة في السنن عن ابن عبّاس أنّ رجلا أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ، إنّ سيّدي زوّجني أمته وهو يريد أن يفرّق بيني وبينها. فصعد النبيّ صلىاللهعليهوآله المنبر فقال : أيّها الناس ، ما بال أحدكم يزوّج عبده أمته ثمّ يريد أن يفرّق بينهما؟! إنّما الطلاق لمن أخذ بالساق.
والحديث وإن كان بمختلف طرقه ضعيف الإسناد إلّا أنّ الفقهاء تسالموا على الاستناد إليه ، حتّى أنّ صاحب الجواهر عبّر عنه بالنبويّ المقبول وذكر أنّ الحكم إجماعي ، وقد أرسل المحقّق حكمه باختصاص الطلاق بمالك البضع إرسال المسلّمات. (٥)
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٢٨.
(٢) الدرّ المنثور ، ج ١ ، ص ٦٥٦ ؛ وسنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ٢٨٥ ، رقم ٢٢٨١ ؛ وسنن البيهقي ، ج ٧ ، ص ٤١٤ كتاب العدد.
(٣) جامع البيان ، ج ٢ ، ص ٢٧٦.
(٤) سنن ابن ماجة ، ج ١ ، ص ٦٤١ ، باب ٦٦٧ ، طلاق العبد ، رقم ٢١٠٧ ؛ وفي كنز العمّال ، ج ٩ ، ص ٦٤٠ ، رقم ٢٧٧٧٠ نقله عن الجامع الكبير للطبراني ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ، ج ٤ ، ص ٣٣٤ وعن عصمة ... الخ ، وقال : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف. (هامش الكنز). أمّا عن ابن عباس ـ كما في سنن ابن ماجة والطبراني ـ ففي طريقه ابن لهيعة. قال في الزوائد : وهو ضعيف. (هامش ابن ماجة).
(٥) جواهر الكلام ، ج ٣٢ ، ص ٥.