تضيع بالنسيان ، فتذكّر إحدى المرأتين الاخرى ، وبذلك لم يتكرّر اللفظ.
وأيّده الطبرسي بأنّ نسيان الشهادة لا يسمّى ضلالا ولا يسمّى ناسي الشهادة ضالّا لأنّ الضلال معناه الضياع ، والمرأة لا تضيع ، ويقال للشهادة ضلّت إذا ضاعت. كما قال سبحانه : (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا)(١) أي ضاعوا منّا. (٢) ومثله (لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى). (٣)
لكن الزمخشري فسر الآية على ظاهرها ، قال : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) أن لا تهتدي إحداهما للشهادة بأن تنساها ، من قولهم : ضلّ الطريق ، إذا لم يهتد إليه. (٤) فيكون الضلال هنا بمعنى عدم الاهتداء.
وقوله تعالى : (ضَلُّوا عَنَّا) أي ذهبوا عنّا وافتقدناهم. فلا يقدرون على الدفع عنّا وبطلت عبادتنا إيّاهم. (٥) وقوله : (لا يَضِلُّ رَبِّي) أي لا يذهب عليه شيء ، (٦) بمعنى : لا يفقده ولا يغيب عنه.
وقد فسّر الراغب «الضلال» في الآية بمعنى النسيان. (٧)
المرأة في مجال القضاء
القضاء باعتباره منصبا رسميّا لفصل الخصومات في النظام الإسلامي الحاكم وهو منصب خطير وذو مسئوليّة جسمية فإنّه لا يصلح للمرأة ـ وهي ذات نفسيّة مرهفة ـ أن تتصدّى له ، على غرار سائر المسئوليّات الخطيرة ممّا هو من شئون الولاية العامّة ، الخاصّة بوليّ أمر المسلمين.
وبذلك اتّفقت كلمة الفقهاء على أنّ القضاء من شئون الولاية الكبرى الخاصّة بإمام المسلمين ، (٨) وكلّ شأن من شئون الولاية الكبرى في الحكم الإسلامي لا يجوز إيكاله إلى
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٣٧.
(٢) مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٣٩٨.
(٣) طه ٢٠ : ٥٢. والآية ذكرها الشيخ محمد عبده تأييدا للطبرسي حسب الظاهر.
(٤) الكشّاف ، ج ١ ، ص ٣٢٦.
(٥) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٦.
(٦) المصدر : ج ٧ ، ص ١٣.
(٧) أي في قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى). البقرة ٢ : ٢٨٢.
(٨) قال الشهيد السعيد أبو عبد الله محمد بن مكي العاملي : وهو (القضاء) ولاية شرعية على الحكم في المصالح العامّة من قبل الإمام. الدروس الشرعية ، ص ١٦٨.