نعم ، المرأة
إنّما تهتمّ اهتمامها البالغ بما يعود إلى ذات نفسها وإلى ما يرتبط وشئونها
الانوثية وزبارج الحياة ، ولا تعير بشئون خارج حياتها الانوثية الزخرفية ذلك
الاهتمام. وتبعا لذلك يكون عمل ذاكرتها ـ على غرار سائر قواها العقلانية
والجسمانية ـ في هذا الجانب ينمو ويشتدّ ، وبنفس النسبة يأخذ في الضعف والوهن في
الجانب الآخر. وفي دراسة عميقة بشأن حالة المرأة النفسية جاءت في آية اخرى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ
وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ). وهو من أدقّ التعابير في معرفة النفس بشأن المرأة :
إنّها ترى كمالها في جمالها ، وترى جمالها في زبارج حليّها من ذهب وفضة وأحجار
كريمة. ومن ثمّ فهي في مظطلمات الحياة ومصطدماتها تظلّ حائرة وربما تضيق عليها
الحال فلا يمكنها الإعراب عمّا في ضميرها أو تتلجلج ويضطرب لها المقال.
ولذلك نرى
الشريعة قد أفسحت لها المجال واكتفت بشهادتهنّ لوحدهنّ في امور تخصّ شئون النساء ـ
في مثل الولادة والحمل والحيض وما شابه ـ ممّا ليس للرجال فيها شأن.
* * *
وهكذا ذكر سيّد
قطب في تفسير الآية ، قال : إنّما دعا الرجال لأنّهم هم الذين يزاولون الأعمال
عادة في المجتمع المسلم السويّ الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمل لتعيش ، وتهدر
جانب أمومتها وأنوثتها وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانية ـ وهي الطفولة
الناشئة الممثّلة لجيل المستقبل ـ في مقابل لقيمات أو دريهمات تنالها من العمل ،
كما تضطرّ إلى ذلك المرأة في المجتمع النكد المنحرف الذي نعيش فيه اليوم!
ولكن لما ذا
امرأتان؟ إنّ النصّ لا يدعنا نحدس ، ففي مجال التشريع يكون النصّ محدّدا واضحا
معلّلا (أَنْ تَضِلَّ
إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى). والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة. فقد ينشأ من قلّة
خبرة المرأة بموضوع التعاقد ، ممّا يجعلها لا تستوعب كلّ دقائقه وملابساته بحيث
تؤدي عنه شهادتها دقيقة عند الاقتضاء ، فتذكّرها الاخرى بالتعاون معا على تذكّر
ملابسات الموضوع كلّه. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية ،
__________________