فقال : إنّي أنا هو المسيح. آت بهداه وتعاليمه من بثّ السلام والرحمة والتعاطف والمحبّة ... وله كلام طويل في كتبه ومجلّته التي كان يصدرها في حياته ، ولا يزال جماعته في نشاط من التبشير بمسيحيّته ... والدولة الإنكليزية ـ في وقته ـ كانت تؤيّدهم ، لأنّهم كانوا يقولون أنّ مسيحهم أبطل الجهاد وكان مغرما بالكافر المستعمر ويمدح حكمهم في البلاد ويراه نعمة على أهل الهند. (١)
بقي الكلام حول قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)(٢) إلى م يعود الضمير من قوله «قبل موته»؟ فيه قولان :
أحدهما : أنّه يعود إلى المسيح ، ويكون دليلا على أنّه عليهالسلام لم يمت. وتظافرت الروايات بأنّه ينزل في آخر الزمان ليكون مؤيّدا للمهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، فهناك يبدو الحقّ وتتجلّى الحقيقة لدى أبناء كلّ من اليهود والنصارى ، أمّا اليهود فيبدو لهم خطأهم في إنكار نبوّته ، وأمّا النصارى ففي زعمهم أنّه إله.
قال عليّ بن إبراهيم القمي : حدّثني أبي عن القاسم بن محمّد عن سليمان بن داود المنقري عن أبي حمزة عن شهر بن حوشب ، قال : قال لي الحجّاج : إنّ آية في كتاب الله قد أعيتني! قلت : أيّة آية هي؟ قال : قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) وإنّي لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد! فقلت : ليس على ما تأوّلت ، قال : كيف هو؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا نصراني إلّا آمن به قبل موته ، ويصلّي خلف المهديّ. قال : ويحك أنّى لك هذا؟ ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني به محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام فقال : جئت بها والله من عين صافية. (٣)
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب مثله ، فقال الحجّاج : من أين أخذتها؟ فقلت : من محمّد بن عليّ قال : لقد أخذتها من معدنها. وفي رواية اخرى : يعنى
__________________
(١) راجع : قصص الأنبياء للنجّار ، ص ٤٢٧.
(٢) النساء ٤ : ١٥٩.
(٣) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١٥٨.