القمي (١) ولم يثبت انتساب هذا التفسير إلى عليّ بن إبراهيم ، وإنّما هو من صنع أحد تلامذته المجهولين. (٢) ومن ثمّ لا يعتمد بما تفرّد به هذا التفسير ما لم يدعمه شواهد توجب الاطمئنان.
والمهمّ : أنّ الأناجيل وإن ذكرت قصّة الصلب لكن ليس فيها تصريح بموت المسيح بذلك. وقد عرفت عبارة «لوقا» : «لما ذا تطلبنّ الحيّ بين الأموات» (٣) الأمر الذي يلتئم واشتباه اليهود في زعمهم أنّهم قتلوا المسيح بالصلب.
والقرآن مصرّح بأنّ الأمر قد اشتبه عليهم (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ... وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً)(٤).
وأيضا فإنّ الأناجيل متّفقة على أنّ المسيح رفع بجسمه وروحه ، وهذا هو ظاهر تعبير القرآن الكريم أيضا : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ ...).
ومن ثمّ لم يعهد للمسيح عليهالسلام قبر ، لا عند المسيحيّين ولا عند غيرهم.
نعم زعم «غلام أحمد القادياني» أنّ المسيح أنجاه الله من كيد اليهود ، فذهب إلى بلاد الهند ، واستقرّ في بلاد كشمير ـ شمال الهند ـ بسفح الجبل (جبال هملايا) وأقام هناك.
إلى أن وافاه أجله ، ودفن في تلك البلاد قرب بلدة «سرنجار» وقبره معروف هناك.
قال الاستاذ النجّار : كنت مسافرا في رحلة إلى «اسطنبول» في سنة ١٩٢٤ م وكان في السفينة الاستاذ الشيخ أبو الوفاء الشرقاوي ، فسألته : هل سمع حين كان في «سرنجار» بكشمير عن قبر بقربها يقال له : قبر النبيّ الأمير ـ حسب تعبير القادياني ـ يعنى المسيح؟ فقال : نعم ، سمعت بذلك وأنّه في الصحراء.
والقادياني في زعمه هذا حاول إثبات كونه هو المسيح الموعود بمجيئه في آخر الزمان ، ولكن كيف يكون هو المسيح وهو معروف النسب بين قومه؟! فذهب إلى تأويل الأمر على أنّ المسيح مات ولا يمكن أن يعود بشخصه. ولكنّه يعود في شخصية اخرى.
__________________
(١) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١٠٣.
(٢) راجع : صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢٢٩ ، طبع ١٤١٨.
(٣) إنجيل لوقا ، إصحاح ٢٤ / ٥.
(٤) النساء ٤ : ١٥٧.