أمّا الأول : فلأن من اتصاليته : أي أنت متصل بي اتصال هارون بموسى ، ونحن من جنس واحد ، وأصل واحد ، وصف واحد ، وسر واحد ، ولذا قيل له : سر الأنبياء والمرسلين ؛ لأن نبينا صلىاللهعليهوسلم لمّا كان سر جميع الأسماء الإلهية ، كان المتصل به اتصالا شديدا ، كذلك إلا أنه لمّا لم يكن بعده نبي لا مشرع ولا متاح ، كان المراد بالاتصال : اتصال الولاية ، والنبوة التحقيقية ، لا اتصال النبوة التشريعية ، كاتصال هارون بموسى عليهماالسلام ، وعلى هذا سائر الأولياء أجمعين.
__________________
ـ
فطلبت مجتهدا نهاية وصفه |
|
فوجدته ما ليس بالمتناهي |
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه :
قالوا ترفّضت قلت كلّا |
|
ما الرّفض ديني ولا اعتقادي |
لكن توليت غير شكّ |
|
خير إمام خير هادي |
إن كان حب الولي رفضا |
|
فإنني أترك أرفض العبادي |
وقال أيضا :
إذا نحن فضّلنا عليّا فإننا |
|
روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل |
وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته |
|
رميت بنصب عند ذكري المفضل |
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما |
|
بحبّهما حتى أوسد في الرّمل |
ولما أصيب رضي الله عنه دعا الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ فقال لهما : أوصيكما بتقوى الله ، ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ، ولا تبكيا على شيء زوى منها عنكما ، وقولا الحق ، وارحما اليتيم ، وأعينا الضعيف ، واصنعا للآخرة ، وكونا للظالم خصما ، وللمظلوم أنصارا ، واعملا لله ، ولا تأخذ كما في دين الله لومة لائم ، ثم نظر إلى ولده محمد ابن الحنفية رضي الله عنه فقال له : هل حفظت ما أوصيت به أخويك ، قال : نعم ، قال : أوصيك بمثله ، وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك ، ولا تؤثر أمرا دونهما ، ثم قال :
أوصيكما به فإنه أخوكما ، وابن أبيكما ، وقد علمتما أن أباكما كان يحبه ، ثم لم ينطق إلا ب (لا إله إلا الله) إلى أن قبض رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
قلت : أفرد كثير من أهل العلم تصانيف في فضائله ، ولا يعول إلا على ما ثبت منها ، وانظر : خصائص علي للنسائي ، والأسد الغالب لابن الجزري ، والاستيعاب (١٨٧٥) ، والحلية (٢ / ٦١).