__________________
ـ ووصفه ضرار بن حمزة رضي الله عنه فقال :
كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، ينفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من لسانه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما خشن ، وكان فينا كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه إيّانا وقربه منا ، لا نكاد نكلمه هيبة له ، يعظّم أهل الدين ، ويقرب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، قابضا على لحيته الكريمة ، يتململ تململ السقيم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : «يا دنيا غري غيري ، إليّ تعرضت ، أو إليّ تشوقت ، هيهات هيهات! قد بايعتك ثلاثا لا رجعة لي فيك : فعمرك قصير ، وخطرك كثير ، آه آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ، رضي الله عن تلك النفس الزكيّة».
ولما وصل إليه فخر من بني أمية قال لغلامه : اكتب إليهم ثم املأ عليهم :
محمد النبيّ أخي وصهري |
|
وحمزة سيد الشهداء عمّي |
وجعفر الذي يمسى ويضحى |
|
يطير مع الملائكة ابن أمي |
وبنت محمد سكني وعرسي |
|
متشوب لحمها بدمي ولحمي |
وسبط أحمد ولدايّ منها |
|
فمن منكم له سهم كسهمي |
سبقتكم إلى الإسلام طرّا |
|
غلاما ما بلغت أوان حلمي |
وأوجب لي ولايته عليكم |
|
رسول الله يوم غدير خمّ |
أنا البطل الذي لن تنكروه |
|
ليوم كريهة واليوم سلم |
وأوصاني النبي على اختيار |
|
ببيعته غداة غد برحم |
إلا من شاء فليؤمن بهذا |
|
وإلا فليمت كمدا بغمّ |
قال البيهقي : إن هذا مما يجب على كل متوان في عليّ رضي الله عنه حفظه ؛ ليعلم مفاخره في الإسلام ، ومناقبه ومحاسنه رضي الله عنه أكثر من أن تحصى ، قال فيه بعضهم :
مولى تلوت مدبحه فوجدته |
|
أحلى من الرشقات بالأفواه |