__________________
ـ ومن لم ير هذا ولم يشهده فهو أعمى البصيرة ، محروم من مشاهدة الحق انتهى.
ومن كلام القطب سيدي علي وفا رضي الله عنه :
هو الحق المحيط بكل شيء |
|
هو الرحمن ذو العرش المجيد |
والنور المبين بغير شك |
|
هو الرب المحجب في العبيد |
هو المشهود في الأشياء يبدو |
|
فيخفيه الشهود عن الشهيد |
هو العين العيان لكل غيب |
|
هو المقصود من بيت القصيد |
جميع العالمين له ظلال |
|
سجود له في القريب وفي البعيد |
وهذا القدر في التحقيق كاف |
|
فكف النفس عن طلب المزيد |
واعلم أن الإيمان بالله هو التصديق الجازم بوجوده أولا ، وبوحدانيته ثانيا ، وباتصافه بصفات الكمال اللائقة به ثالثا ، وبتقديسه عن سمات الحوادث رابعا ، وهذا التصديق له مراتب ذكر في «القوت» و «الإحياء» أنها ثلاثة وهي في الحقيقة تسعة لأن كل مرتبة من المراتب الثلاث منقسمة إلى ثلاثة ، وذكر الغزالى في آخر كتابه : «إلجام العوام» ستة منها وهي أقسام المرتبتين الأوليين ، وأما المرتبة الثالثة فذكرها بأقسامها في كتابه «مشكاة الأنوار» ، ونحن إن شاء الله تعالى نذكر خلاصة المرتبتين الأوليين مع التوسع في المرتبة الثالثة ؛ لأنها المقصودة هنا.
فنقول المرتبة الأولى : مرتبة إيمان العوام ، وهو إيمان التقليد المحض.
وفيها ثلاث مراتب لأنه :
١ ـ إما أن يكون مستندا إلى السماع ممن حسن فيه الاعتقاد بسبب كثرة ثناء الخلق عليه كالعلماء والأولياء.
٢ ـ أو إلى أمارة يظنها العامي دليلا كالقرائن الشاهدة له.
٣ ـ أو غير مستند إلى شيء أصلا كأن يسمع القول فيناسب طبعه وأخلاقه فيبادر إلى التصديق به لمجرد موافقته لطبعه.
وهذه أضعف التصديقات لأنه فيما قبله استند إلى دليل ما وإن كان ضعيفا.
المرتبة الثانية : مرتبة إيمان المتكلمين وهو الإيمان الممزوج بنوع من الاستدلال وفيها أيضا ثلاث مراتب لأنه :
١ ـ إما أن يكون حاصلا بالبرهان المحرر المستقصي لشروطه بأصوله ومقدماته.
٢ ـ أو بالأدلة الرسمية الكلامية المبنية على أمور مسلمة مصدق بها لاشتهارها بين أكابر العلماء وشناعة إنكارها.