__________________
ـ وعن علي رضي الله عنه أنه كان يقول : لا نعبد ربا لم نره يعني لم نشهده.
وفي الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كان الله ولا شيء معه ، وكان الله وحده بلا شيء».
وفي «الإحياء» في كتاب المحبة والشوق في ترجمة بيان السبب في قصور أفهام الخلق عن معرفة الله تعالى ما نصه :
وأما من قويت بصيرته ولم تضعف منته : أي قوته ، فإنه في حال اعتدال أمره لا يرى إلا الله تعالى ، ولا يعرف غيره ، ويعلم أنه ليس في الوجود إلا الله تعالى ، وأفعاله أثر من آثار قدرته ، فهي تابعة له فلا وجود لها بالحقيقة دونه ، وإنما الوجود للواحد الحق الذي به وجود الأفعال كلها ، ومن هذه حاله فلا ينظر في شيء من الأفعال إلا ويرى فيه الفاعل ، ويذهل عن الفعل من حيث أنه سماء وأرض وحيوان وشجر ، بل ينظر فيه من حيث أنه صنع الواحد الحق ، فلا يكون نظره مجاوزا له إلى غيره ، كمن نظر في شعر إنسان أو خطه أو تصنيفه ، ورأى فيها الشاعر والمصنف ، ورأى آثاره من حيث أنه أثره لا من حيث أنه حبر وعفص وزاج مرقوم على بياض ، فلا يكون قد نظر إلى غير المصنف ، وكل العالم تصنيف الله تعالى ، فمن نظر إليه من حيث أنه فعل الله ، وعرفه من حيث أنه فعل الله وأحبه من حيث أنه فعل الله ، لم يكن ناظرا إلا في الله ، ولا عارفا إلا بالله ، ولا محبّا إلا الله ، وكان هو الموحد للحق الذي لا يرى إلا الله ، بل لا ينظر إلى نفسه من حيث نفسه ، بل من حيث أنه عبد الله ، فهذا هو الذي يقال فيه : إنه فني في التوحيد ، وإنه فني عن نفسه أيضا ، وإليه الإشارة بقول من قال : كنا بنا ففنينا عنا ، وبقينا بلا نحن. انتهى منه ، وقد نقله السيوطي أيضا في «تأييد الحقيقة العلية».
وفي كلام بعض العارفين أبى المحققون أن يشهدوا غير الله ، لما حققهم به من شهود القيومية ، وإحاطة الديمومية.
وقال بعضهم : لو كلفت أن أرى غيره لم أستطع ؛ فإنه لا غير معه حتى أشهده معه.
ومن كلام مولانا عبد السّلام بن مشيش لوارثه أبي الحسن الشاذلى : حدد بصر الإيمان تجد الله تعالى في كل شيء ، وعند كل شيء ، ومع كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، وفوق كل شيء ، وتحت كل شيء ، وقريبا من كل شيء ، ومحيطا بكل شيء بقرب هو وصفه ، وبحيطة هي نعته ..
إلى آخر ما قال.
وقال بعض العارفين : الحق تعالى منزّه عن الأين والجهة والكيف والمادة والصورة ، ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان ولا كم ولا كيف ولا جسم ولا جوهر ولا عرض ؛ لأنه للطفه سار في كل شيء ، ولنورانيته ظاهر في كل شيء ، ولإطلاقه وإحاطته متكيف بكل كيف ، غير متقيد بذلك ،