الكلي إلى وطنه الأصلي ثم القيام إلى السجدة إشارة إلى البقاء ؛ فإنه رجوع الولاء ففي صورة النزول عروج وبالعكس فافهم ، والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الصفات أي : الذات الواحدية ، والسجدة مقام أو أدنى ، وهو مقام الذات الأحدية ، والحركات الست هي حركة القيام إلى الركوع ثم منه إلى السجدة الأولى ثم منها إلى الجلسة ثم منها إلى السجدة الثانية ثم إلى القيام إشارة إلى خلق الله السماوات والأرضين في ستة أيام فالركعة الواحدة من الصلاة محتوية على أول السلوك وآخره وغيره من الصور والحقائق الدنيوية والأخروية والعلمية والعينية والكونية الإلهية.
قال حضرة الشيخ : أمهات الأسماء سبع وهي : الحي والعليم والقدير والمريد والسميع والبصير والمتكلم ، وكل منها ينقسم إلى سبعة باعتبار أنه الحي يؤخذ فيه الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والتكلم لكن لما كان الصفة الغالبة هي الحياة أخذت هي لكونها بالفعل ولم يعتبر المقلوب وبالقوة فإذا كان الحي سبعة بهذا الاعتبار فقس البواقي عليه.
فالسبعة بسبع مرات يبلغ إلى تسعة وأربعين ثم باعتبار الظهور والبطون يكون المجموع ثمانية وتسعين ثم باعتبار المجموع والإفراد يصير تسعة وتسعين ثم باعتبار أحدية المجموع والإفراد يصير مائة ؛ فالأول إفراد حقيقة وعدد حقيقي ، والثاني والثالث فرد وعدد اعتباريان.
ثم قال : والسماوات السبع بإزاء هذه السبع ، وهي ما ذكر في قوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ) [آل عمران : ١٤].
فهذه الشهوات السبع المفصلة قد جعلها خمسا في آية أخرى ، وهي قوله تعالى : في أواسط سورة الحديد : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) [الحديد : ٢٠].
ثم جعل هذه الخمس في أمرين وأدرجها في آية أخرى ، قال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) [النازعات : ٤٠] جامع لأنواع الشبهات ، فمن تخلص عن الهوى فقد تخلص عن كل قيد مانع للسالك من الوصول إلى المطلب الأعلى.
خاطب حضرة الشيخ هذا الفقير بلسانه أن حاشيتي على تفسير الفاتحة