قال : إني أحب سماع تلاوة بعض السور كسورة والضحى والانشراح والنصر ؛ فإنها جاءت على حسب حالي ، والله تعالى وفقني لمطابقة القرآن أنفسا وآفاقا ، وأعطاني ما أعطاني من جهة القرآن.
قال حضرة الشيخ : إن الملك والشيطان كالقلمين اللذين يرسم أحدهما بالمداد الأبيض ، والآخر بالمداد الأسود وحركتهما مستندة إلى الكاتب ، ولا صنع لهما في الحقيقة ؛ فالله تعالى يحول بين المرء وقلبه وقلم الخير وقلم الشر بيده والملك والشيطان من قبيل الوسائط لكن الأدب إسناد الشر إلى النفس والشيطان والخير إسناده إلى الله الملك المنان وهذا الفرق لا ينافي ذلك الجمع بل هو عين التوحيد والمراتب متفاوتة فمن مشى على المراتب أمن من العثور.
أقول : رأيت في المنام حضرة الشيخ ، وهو يقول : إنه من لم يقاسى مشاق هذه الطريقة فهو يموت بلا دين ولا إيمان.
فقال خادمه القديم علي دده مثالا لذلك : الحمار يتحمل مشقة الحمل الثقيل مع كونه حيوانا كذلك الإنسان إذا لم يتحمل المشقة مع كونه إنسانا يكون أنزل درجة منه.
قال حضرة الشيخ : رأيت في المنام حضرة الشيخ الأكبر مع ابنه صدر الدين القونوي ـ قدست أسرارهما ـ واعتذرت إليهما بأني أريد أن أزور كما لكن لا أعرف مكانكما فأشار أن اثبت في مقامك ومكانك أننا لا نفارقك أين كنت فقلت : رأيت حضرة الشيخ الأكبر بقلنسوة (ناتازيه) ، يقال لها بالتركي : [قلياق].
قال : لا ضير إنه مجرد عن كل لباس ، وظاهر في كل صورة ، وصى حضرة الشيخ الصوفية الحاضرين بالاستغفار قبل الغروب ؛ لأن المرء لا يخلو يوما مما يخالف رضاء الله تعالى ، وذلك اليوم شاهد على ما فعل.
قال حضرة الشيخ : حالة النوم وحالة الانتباه إشارة إلى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب في أول الأمر ، ثم قال : الحركة إلى الوضوء إشارة إلى التوبة والإنابة ثم التكبيرة الأولى إشارة إلى التوجه الإلهي فحاله ومدة الانتباه إلى هنا إشارة إلى عبوره عن عالم الملك ، وهو الناسوت ودخوله في عالم الملكوت ، ثم الانتقال إلى الركوع إشارة إلى تجاوزه إلى الجبروت ، ثم الانتقال إلى السجدة إشارة إلى وصوله إلى عام اللاهوت ، وهو مقام الفناء الكلي ، وعند ذلك يحصل الصعود