وقد قال تعالى : في سورة بني إسرائيل :
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) [الإسراء : ٣٣] ، فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا.
قال حضرة الشيخ : رأيت في بعض كتب الشيخ الأكبر ـ قدسسره ـ أنه قال : لكل نبي دعاء مخصوص به ، والدعاء المخصوص بنبينا صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى في آخر البقرة : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) [البقرة : ٢٨٦].
قال حضرة الشيخ : ما يقال في ألسنة القوم مرتبة الإنسان هي عدم وقد تجلى الله للإنسان في تلك المرتبة بالوجود فكما أنه ليس مثله تعالى في القوة والبطش ، فكذلك مثل الإنسان في العجز والضعف ، فوجوده ظلي ، فكما بسط الظل كذلك يقبض ، فأهل الشهود يرى الحركة في القبض والبسط من الله ؛ فإنه هو الفعال فلو أراد أيضا يكون كل ذرة مظهر اسم القهار ، ولا يمنعه شيء.
قال : وقد أمر الله بالصبر حيث قال : (وَاصْبِرْ) [النحل : ١٢٧] ، ولكن قال بعده : (وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) [النحل : ١٢٧].
فأشار بالأول إلى الوجود الظلي الذي يرى منه الحول والقوة.
وأشار بالثاني إلى أن الصابر في الحقيقة هو الله تعالى ، فتارة يجذب عبده إلى عالم القدس فيخلع عنه كل صورة.
وتارة يرسل إلى أسفل السافلين وهو عالم الحس والدنس فيبتليه بأدنى حيوان ذلك العالم كالبعوض الداخل أنف نمرود فعلى العاقل ألا يستند إلا إلى الله.
ويقول دائما لا ملجأ ولا منجى إلا منك.
قال : قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) [البقرة : ١٣١] : هو أمر بالصفة والحقيقة ، وكذا قوله تعالى في الجواب : (قالَ أَسْلَمْتُ) [البقرة : ١٣١] فوجد المجازات الكاملة بين الصفتين في الظاهر والباطن ، ولذلك رمي بالمنجنيق ، ولم ينفعل أصلا فلو أراد العبد دفع القضاء المبرم لا يجد إليه سبيلا فلا سبيل إلا الاستسلام.
قال حضرة الشيخ : تجلى الله في آدم بالولاية ، والنبوة تعين خاص ، وكان لبعض عباده سمعا وبصرا ، فشاهد العوالم بعد مرتبة علم بتلك السمع والبصر ، ولكن