قال : لا يكفي للمرء أن يقول : أصف بالله تعالى بدون أن يحقق إيمانه بما أمر به من قبل الله تعالى من الجهاد وغيره ؛ فإذا امتثل إلى الأمر ، وخرج إلى الجهاد ، ووفى بعهده فقد خرج عن عهده الذي ألزم عليه فحاسب نفسه قبل أن يحاسبه ، فلذا لا حساب على الشهيد ولا سؤال ؛ لأن الملكين أنما يسألان الشخص عن دينه وما يتعلق به ، فإذا كمل دينه لم يبق للسؤال وجه أصلا.
قال حضرة الشيخ : العرش وما حواه من العوالم كلها تعينات جسمانية ، وما فوقه تعينات روحانية وكل منها حادث ، وما فوقها مرتبة الأعيان الثابتة ، وما وراءها عالم الغيب والشئون ، قال : الهوية المنفهمة من قوله تعالى «هو» في :
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، وهو الله محيط بالكل إحاطة لا يحيط بها إلا أهل المكاشفة والمشاهدة والمعاينة ، لكن لا تعين ولا تعين في الحقيقة ؛ فإن الله تعالى منزه عن كليهما كما قال حضرة الشيخ الهدائي في بعض إلهيات التركية [...].
قال المولى الكبير الشيخ محمد الجودي ابن حضرة الشيخ مخاطبا له : يا أبي إن إسماعيل حقي يشير إلى هذا الفقير قد وعظ اليوم في جامع سلطان سليم مقامكم كما أمرتم ، قال داعيا : جعله الله مباركا وأيده وقواه وجعله من أهل عنايته ، ثم التفت إليّ فقال : كنت قبل الهجرة إلى بروسة في طرف يمني والآن في سويداء قلبي ، يعني : كملت العلاقة والمحبة بسبب تلك الهجرة ، وأخذك بطريق الفقر والفناء ، والمأمول منك هو الخير يعني : الإيمان والإسلام الحقيقي ، فاجتهد حتى تتخلص عن القيود الظاهرة والباطنة ، وكن فانيا عن جميع ما سوى الله ، ثم دعا لي مرارا ، وقال : إن شيخي قد دعا لي ، وقال مرة : يجيء منك أنفاس الشيخ الأكبر ـ قدسسره ـ والحمد لله تعالى قد يسر الله لسان الشيخ ، وأسلكني مسلكه ، ثم قال مخاطبا لي : جعل الله حالك وقولك فوق هذه وأشار إلى حاشية في يده المباركة ، وهي حاشية تفسير الفاتحة للقونوي كما سبق.
قال حضرة الشيخ : راع المراتب مما سماه الله تعالى غيرا ، وعلى التعينات والظهورات فسمّه أنت أيضا غيرا ، وما سماه الله تعالى عينا ، فسمه أنت أيضا عينا ، ولا يخلو أحدهما بالآخر ، وراع الجمع والفرق حتى لا تقع في ورطة الإلحاد والزندقة ، ثم قال : أيدني الله تعالى من أول سلوكي إلى الآن بالكتاب والسنة ؛ فعلمي هو العلم الظاهر والباطن لا غير ، ولم يقع مني بفضل الله إلحاد غير أنه وقع لي مرة محو الفرق