قال حضرة الشيخ : لا يخرج من هذه العباء على آخر العمر ، وكان عليّ عباء أسود أكاسني بالكسوة البالية ، وتحت عبائتي همم عالية ، وإن ثيابي صوف من المثال ، وهمته كالدرة الغالية.
ونقل حضرة الشيخ حسد الأعداء له حين كان بمدينة (فلبه) حتى اجتمعوا له مرارا فلم يغن ذلك منهم شيء ، ثم بين ما أضره من الفقر مع مجيء النقود والهدايا من الأطراف وأنه لم يقبل من الدنيا غير عباءة بالية.
قال حضرة الشيخ : ترك أبناء الزمان خصوصا منهم المشايخ العمل بالكتاب والسنة وجعلوا قراءة الإلهي بدلا من تلاوة القرآن وإلى الأمر على أن كل شاعر أخدان ينشئ إلهيّا ، فاقتضى الحال أن نترك السنن التي كانت شعارا لأهل البدعة والهوى والعرف والعادة ، قال : ولذا تركت الرسوم.
قال حضرة الشيخ : الفرق بين الولي وغيره هو أن الولي كالمتيقظ الذي يحفظ متاعه من السارق فكذا أهل الغفلة.
قال حضرة الشيخ : الإنسان الكامل كالبحر فمن أذاه واغتابه أو قصد إليه بسوء فإنه تحمله ، ولا يكون مراعاة خاطره مغيرا منه ، ألا ترى أن البول إذا وقع في البحر فالبحر لا يتنجس منه ، وكذا من أجنب إذا دخل واغتسل فيه ؛ فإنه يطهر ولا يتغير البحر فهو حاله في الطهارة.
قال : قد شابت لحيتنا فلا يليق بنا أن نتألم من شيء أصلا ، قال : ليكن مطمح نظرك الحشر ؛ فإنك ترجع إليه ثم ليكن الصراط لأنك تعبر عنه ، ثم ليكن الجنة لأنك تدخلها ، ثم ليكن الكثيب الذي يكون عنده الزيارة الكبرى فهو الغاية ثم اجتهد أن تكون في دائرة الفناء التام فإن المقصود هو المعية مع الله لا بالجنة وغيرها.
قال : من أخذ السلوك يكون غريبا في العالم كما قال عليهالسلام :
«كنت يتيما في الصغر ، وغريبا في الكبر فطوبى للغرباء» (١).
وقد انتخب النبي عليهالسلام الخلفاء الأربعة ، ثم انتخب منهم الوزيرين ، ثم أعرض عن الكل ؛ لأن الله تعالى اتخذه خليلا فلم يبق إلا الله.
قلت لحضرة الشيخ : أنا قد رأيتكم لكن رؤية اعتقاد ، لا رؤية عمل وحال ، قال : هذه الرؤية باب لرؤية العمل والحال والمقام ؛ فإن العمدة هي الاعتقاد التام ، فإذا حصل للمرء فقد وصل.
__________________
(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ.