قدسسره ـ فقال : لا حاجة فإنه للتشريف ، وقد أعطاك الله الفهم والذوق فعليك بمطالعته.
قلت لحضرة الشيخ : إن الجلوتية في بروسة خلطوا الدور والرقص بطريقتهم فغيروها عن أصلها ، فهل يكون دور الصوفية في هذا الزمان ورقصهم توحيدا على الصفة التي كانوا عليها؟ فقال : لا فإن من لا أهلية له للدور مثل المرد وأهل الهوى كيف يكون فعلهم توحيدا؟ وقد خلطوا الهوى بالهوى فاسد منه الحال.
أقول : كان حضرة الشيخ يرى الدور ، ولكن ينكره في هذا الزمان ، ويقول : قلّ الأهل من القوال ، وأهل التوحيد. ولذا ترك الكل في أواخر عمره ، فلم يلتفت لا إلى الأقوال ، ولا إلى عقد مجلس الذكر والتوحيد.
قال حضرة الشيخ : إن التمكن والسكون بعد اليقظة والوصول ، فأهل الغفلة والدعوى يضربون الحديد البارد وتلذذهم مشوب بحكم الطبيعة والنفس ، وهو حرام ولا اعتبار للعلم والعرفان القالي بل للحالي ، وتقليد أهل الحقيقة في حكم الطبيعة مقبول ؛ لأنه لدين مستحسن مجرد عن الحظوظ بخلاف تقليد أهل الطبيعة في حكم الحقيقة ، فإنه مردود ؛ لأنه تلوين مستقبح مشوب بالحظوظ ، والتلوين غير جائز.
قال حضرة الشيخ : من كان متوجها إلى الله فالإمامة والخطابة ونحوها قيد له مانع عن توجهه ، ومن استأنس بالحق تعالى لم يحتج إلى الاستئناس بالخلق ؛ فالواعظ المعرض عن الحق يطلب كثرة الخلق في مجلس الوعظ ، وكذا المدرس في حلقة درسه وكذا غيرهما ، وأمّا المقبل إلى الحق فليس له حاجة إلى الخلق أصلا سواء قبلوا أو لم يقبلوا.
أعاد حضرة الشيخ وجع سنه ، وقال : إن الله تعالى حفظني عن الأمراض مطلقا إلا وجع السن فابتلاني ؛ لأن به وفيه حكمة بالغة له فانظر من أين يجئ هذا الوجع؟ وكيف يجئ؟ وكيف ظهوره في أسنان الإنسان؟ فقد أسهرني ثلاث ليال بحيث ما نمت قط إلى الصباح.
قال حضرة الشيخ في حق خليفة الشيخ حسين الفرائضي : وقد كان هاجر مع أهل بيته وقت استيلاء الكفار على [البلاد الرومية](١) فاستخلفه في قصبة إزميدان الآن في علم المجاهدة وحكمة التجلي بالقبض ، فإذا جاء وقت البسط يبسط الله بحيث
__________________
(١) في الأصل باللغة التركية ، وتم ترجمته.