«صلوا
خلف كل برّ وفاجر» .
قال
حضرة الشيخ : الجيش جيشان ؛ جيش في الظاهر ، وجيش في الباطن ، فجيش الظاهر صنفان ؛
مؤمن وكافر فهما على التقابل والمقاتلة دائما.
وكذا جيش
الباطن نوعان : ملك ، وشيطان ، ونفس فهما أيضا على التضاد مهما يجد أحدهما الفرصة
في ميدان القلب يستولى عليه.
قال
حضرة الشيخ : سرّ الإنسان يلزم من طور إلى طور إلهيا كان أو كونيا إلى أن يتعين سويا
ويأخذ من جميع الأطوار خواصها وكيفياتها ، وينصبغ بانصباغها فهذا هو النزول الأول
، وفيه غفلة لغلبة الأحكام إلى الصبغ بها في مردوده على الأطوار ثم السالك الموفق
يترقى من طور إلى طور ، ويؤدي في كل طور ما أخذ منه قبل ؛ لأن الله تعالى قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) [النساء : ٥٨] ويصل إلى الفناء في الله وهو الخلوة مع الله ، ومنه طريق
الخلوتية فمن واقف هناك كأبي يزيد البسطامي ، ومن نازل ، والنازل أعلى من الواقف
وبالعكس فعند نزوله يسير الأطوار كلها لكن بالوجود الحقاني فيحرز في مرتبة فنائه
مرتبة الله أحد ، وهي في بقائه مرتبة الله الصمد ، فالفناء هو الجمع والبقاء هو
الفرق الثاني ، ويقال للمرور الأول على الأطوار : التحصيل ؛ لأنه ينحل عن وجوده
جميع ما عقد عليه قبل من الخواص ، وللنزول الثاني : التقييد ؛ لأنه يعقد عليه جميع
ما حل عنه قبل ، ثم مثّل مثالا بالهلال ؛ فإن أول ما يبدو إشارة إلى الفناء ، وكذا
البدر إلى البقاء ، ولا يزال في كل شهر من كونه هلالا وبدرا ، وكذا لا يزال الكامل
من الفناء والبقاء والصدر والنزول فحاله عين مظهر التجليات فيه حال الجلال حيث
ينمحق عنه آثار الخلق وحين أفاقته وعوده منها حال البدر.
وقال : إن
الكامل ينزل من الفناء إلى البقاء ، ويقال له : الخلق الحقي ، ثم قال بطريق اللطف
: فاجتهد أنت يا حقي حتى تكون هكذا ، ثم تبسم ، وقال : إن شاء الله لا يضيع مخلصك
الخفي ، وفي كونك متلقبا به حكمة ومصلحة.
وقد كنت قرأت
عليه شيئا من المعارف فأخذ يقرر الأسرار من العصر إلى صلاة المغرب حتى امتلأت
القلوب والصدور بالذوق الروحاني والحمد لله تعالى.
قال
حضرة الشيخ : أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليهالسلام أن يا إبراهيم ، خف مني
__________________