قال حضرة الشيخ : سلوك بعض السالك مرتب كما في بعض الرسائل للشيخ الأكبر وسلوك بعضهم غير مرتب فالانفتاح أولا على تقدير الترتيب يبدأ من عالم الكون والفساد واستماع كلام الجماد والنبات والحيوان وحركات الأفلاك والملائكة ثم يظهر عالم الغيب ، والمعاني والمعتبر هو هذا الظهور الثاني ؛ لأن ما عداه يتعلق بكون ، فلا لطف في الكثافة بل هو قيد للأكثر.
ثم قال : وقد وقع سلوكي على غير ترتيب حيث انفتح أولا حقائق الأفعال والصفات والذات وسر الحياة السارية في جميع الأكوان.
قال حضرة الشيخ : النار ترق في صورة التنزل ؛ لأن باطن الجلال جمال فأهل النار أحديون ، والجنة تنزل في صورة الترقي لأن باطن الجمال جلال ، فأهل الجنة صفاتيون ؛ لأن التنعم من مرتبة الصفات ، وهي دون مرتبة الذات.
قال حضرة الشيخ في شرح بعض أهل الذوق جفر سيدنا على رضي الله عنه وكرم وجهه ـ وقع الاتفاق على أن الله تعالى «يبعث في رأس كل مائه سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها» (١) كما في الحديث ، وهم أهل الخير والتقى ، وصاحب السيف ، قال : إذا ظهر صاحب السيف يدفع فتنة القوم أولا ثم الكفار ، وأراد بالقوم السلطان وأتباعه السفهاء الأشقياء الظالمين المصادرين.
قال الشيخ : إن آدم كاشف عن شأنه الذاتي فسلك طريق الأدب حيث قال : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) [الأعراف : ٢٣] ؛ فأسند الظلم إلى نفسه.
وأمّا إبليس فلم يكن له ذلك ، ولذلك قال الله تعالى : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) [الأعراف : ١٦] حيث أسند الإغواء إلى الله مع أن تلك العداوة كانت تأتيه في عينه العلمي وشأنه العيني فاقتضت فلذا أظهرها الله ، ومن المحال أن يظهر الله ما ليس بثابت ولا مقدر. وقولهم : السعادة الأزلية والعناية الرحمانية قول من طريق الأدب ، وجاء على طريق التفهيم وإلا فالاقتضاء أن تظهر لا محالة من الأزل إلى الأبد يعمل على شاكلته.
قال حضرة الشيخ : لا يصح الاقتداء بالجنب ، ويكره بالأعمى لعدم شرائطه وإنما يصح بالجنب الباطني ، والأعمى بصيرته لوجود الشرائط في الظاهر ، وقد ورد :
__________________
(١) تقدم تخريجه.