كما تخاف من السبع الضاري ـ وذلك أن السبع الضاري يفترس من غير تفرقة بين نفاع وضرار ، ومن غير مبالاة ، والله تعالى إذا قدر شيء وأمضاه في الأزل ؛ فإنه يجريه في عالم التدبير من غير مبالاة ، ولو على ولي أو نبي عند تنفيذ قضائه يستوي الكل ، ثم تلا حضرة الشيخ قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الإنسان : ١].
فقال : الحين حينان : أزلي وأبدي فهو لم يكن شيئا مذكورا في الحين الأزلي إلا أنه لا ينافي كونه شيئا غير مذكور ، يعني أنه وإن كان مذكورا إلا أنه كان شيئا ولذا أرسله الله تعالى إلى حين الأبد ليكون شيئا مذكورا.
قال حضرة الشيخ : عبد الله فوق عبد الرحمن ، وهو فوق عبد الرحيم ، وهو فوق عبد الكريم ، ولذا جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله ، وكذا عبد الحي وعبد الحق أفضل الأسماء ؛ لأن بعض الأسماء الإلهية يدل على الذات ، وبعضها على الصفات ، وبعضها على الأفعال ، والأول أشرف من الثاني ، وهو من الثالث.
قال حضرة الشيخ : بعضهم يسكر من الشرب من بيت الخمر ، وبعضهم من رائحة الخمر ، وفرق بين من يسكر من الخمر عينها ، وبين من يسكر من رائحتها ؛ فأهل البداية من أهل المكاشفة لم يسكر من الرائحة ، وكذا كثير فيهم المدعون.
قال : الأفعال حجب ظلمانية ، والصفات نورانية ، والمتجاوز عن كلها واصل إلى الذات.
قال : ولا سلامة إلا في علم الصوفية ؛ فإنه حق كله ، بخلاف ما عداه ؛ فإنه مشوب بالصواب والخطأ ، وأكثر من ضلّ من الفرق الضالة فهم أبعد من الحق خصوصا المعتزلة ، وأقرب من الحق هم المتكلمون.
قال حضرة الشيخ : ليس كل من رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان مخاطبا عرف حقيقة المراد منه ، وإنما عرفه الخواص فكيف من بعد من القرون الأولى فجاء في آخر الزمان وأواخر القرون فاستشمامه رائحة الحق ، ووصوله إلى السر المطلق بعيد إلا من ساعدته العناية الأزلية.
قال حضرة الشيخ الأكبر : إن حضرة القرآن قد بقي بكرا ومراده بالنسبة إلى علماء الظاهر ؛ فإن الذي فهموه من القرآن إنما هو ظاهره ومفهومه الأول وأما علماء الباطن فانتقلوا من المعاني الأول إلى الثواني ثم إلى الثوالث ثمّ وثمّ إلى أن وصلوا إلى الباطن السبعين ، وعلماء الرسوم يحتاجون إلى ترتيب المقدمات فعلمهم تفكري ،