[الأنعام : ٦٥] : لم يقل ليذيق الكافرين بأس المؤمنين ، أو ليذيق المؤمنين بأس الكافرين ، أو ليذيق الكافرين بعضهم بأس بعض أو ليذيق المؤمنين بأس بعض ، بل أطلق في النظم ليتناول كل فريق ، فإن الكل في ملكه ، وهو يحيي ويميت أيّا من كان في أي بلدة كان ، فالمؤمنون والكافرون كاليدين لا ترجيح لإحداهما على الأخرى ، ولا تأثير في الغلبة إلا بمرجح ، فالله تعالى تارة يشدد المحنة على المؤمنين ، وأخرى على الكافرين لحكمة ومصلحة كما قال تعالى : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) [آل عمران : ١٤١] أي : ليميز المؤمنين من الكافرين والمخلصين من المنافقين على حسب أحوال بمقتضى علمه الأزلي القديم.
ثم قال حضرة الشيخ ليلة بعد الطعام : هذا الطعام ينبغي أن يراه العين وقت الأكل ، ولا يخطر بالبال قبل الحضور إلا لكان شركا خفيّا ، وربما رأى في المنام ما يتعلق بالمعاش ، ولا يظهر أثره لكون مبناها الحركة الفكرية ، وهي خفية جدّا فربما ينكرها لخفائها ، ذكر بعض الخلفاء بلدة صوفية وكون بعض النفوس الشرر متسلطا على أهاليها ؛ فقال حضرة الشيخ : إن التسخير مكر لأهل الشر خير لأهل الخير أقول في عبارته الوجيزة لطافة ؛ لأن المكر قلب الكرم.
قال حضرة الشيخ : حروف التهجي بمرتبة الوجود في الشأن الغيي ، والحروف المركبة إلى أبجد بمرتبة الوجود العلمي ، وأبجد بمرتبة الوجود في عالم الأرواح ، وسائر المركبات بمرتبة الوجود في عالم الأجسام.
__________________
ـ ألقاه فى دجلة ونصب الرأس ببغداد على الجسر وادعى بعض أصحابه أنه لم يقتل ولكن ألقى شبهه على عدو من أعداء الله تعالى ، كما وقع فى حق عيسى ـ عليهالسلام ـ والأولياء ورثة للأنبياء. يقول الفقير : لهذا التشبيه والتخييل نظائر فى حكايات المشايخ يجدها من تتبع قصدي ومرادي : بيان جوازه لا اعتقاد أنه كان كذلك ، فإن قلت من حق ولاية الحلاج ألا يحترق ولا يكون رمادا.
قلت : ذلك غير لازم فإن الأجساد مشتركة فى قبول العوارض والآفات ، ألا ترى إلى حال أيوب ويحيى وغيرهما من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وقد ذكر أهل التفسير في أصحاب الرسّ أنهم قتلوا الأنبياء المبعوثين إليهم وأكلوا لحومهم تمردا وعنادا ورسوا بئرهم بعظامهم ، نعم قد يكون فى هذه النشأة أمور خارجة عن العادة خارقة كأحوال بعض الأنبياء والأولياء الذين قتلوا مثلا ، ثم أحياهم الله تعالى واما فى القبر فقد ثبت : أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ومن يليهم. وانظر : تفسير روح البيان (٣ / ٤٥٥).