طيبا فلا يستوي ما كان منها خبيثا بما كان طيبا كالعلم الغير النافع والنافع ، والأخلاق الحسنة وغير الحسنة والأعمال الصحيحة والفاسدة.
ثم قال بعد كلام طويل : إن الطيب في عرف أهل التصوف ما كان بلا فكر ولا حركة نفسانية سواء سبق من طرف صالح أو من طرف طالح لأنه ذوق من حيث لا يحتسب وهو مقبول وخلافه مردود ، ولا يعد في هذا الآن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ثم قال : رائحة الجنة تشم من مسيرة خمسمائة عام ، ولكن مجرد الشم لا يستلزم دخول الجنة ، وكذا جنة الحقيقة تشم رائحتها من بعيد وبمجرده لا يلزم الوصول إلى الله تعالى ؛ فإن بداية هذا الأمر ترى نهايته مع عدم التحقق بحقيقة بعد ، والخلاص من النفس والشيطان على الحقيقة إنما يحصل في الدائرة السابقة وهي النفس الفانية ، وهذا إنما يحصل في أربعين سنة ، فلا تظنوا أيها الصوفية أن الأمر سهل.
أقول : كان المجلس روضة من رياض الجنة وأرجو من الله ألا يحرقني بنار الجلال ، فإن داخل رياض الجنة ينبغي أن يكون أمينا على كل حال.
قال حضرة الشيخ في قوله تعالى : (اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف : ٣٩] : هذا ترتيب أنيق ؛ فإن الذات الأحدية تدفع بوحدتها الكثرة ، وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سوى الألوهية.
قال حضرة الشيخ : أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض ، وإنه يفعل من قبيل لا علة ويرد لا لعلة ويتوهم القاصرون من ترتب بعض الأمور على بعض من حيث الظاهر كونها معللة لكن الأسباب لا تعتبر عند الحقيقة ؛ لأن الأمور أسبابها مقدرة أزلا فلا تأثير للأسباب الاستقلال.
قال عند ذكر بعض الحاضرين امرأة محبوسة في السجن : فأفاد أولا أن كونها محبوسة مقدر أزلا وإن لم يكن لها جرم ، والحبس وإن كان له سبب صوري عند العوام لكن لا علة له عند الخواص.
ثم قال ما قال حضرة الشيخ في قوله : إذا أراد الله شيئا هيأ أسبابه مثلا إذا أراد الله نصرة قوم يجعل لهم وزيرا له قابلية الغالبية وكذا أتباعه ، وإذا أراد هزيمتهم يجعل لهم واليا له قابلية المغلوبية.
ثم قال : إذا وقع الفتح والنصرة ترى الناس فرحين مستبشرين ، وإذا وقع خلافه