نفس الأنبياء وكمل الأولياء ، فإنهم تشرفوا بالوصول إليها ، وإلى الراضية المرضية والصافية والفانية والباقية ثم تلا قوله تعالى :
(فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر : ٢٩ ـ ٣٠] ، وقال : المراد من دخول الجنة : هو بقاء نفوس الكمّل لكونها فانية في الله باقية بالله هي النفوس الباقية ، ولا أقول شموسهم في الدارين.
وقرأ البعض قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) [البقرة : ١١٥] ؛ فقال : أي : المشرق الروحاني والمفرد الجسماني فأينما تولوا وتوجهوا وجوهكم من تنسمك بالجهتين مشمة ذاته المتجلية بجماله وجلاله.
قال حضرة الشيخ : من ولد في الليل يكون مظهر الذات الأحدية ؛ لأن الليل محل الفناء والسكون ، ومن ولد في النهار يكون مظهر الصفات ؛ لأن النهار محل الظهور والحركة ، وقد اختلف في أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولد في الليل أم في النهار.
ثم قال : اليمين مظهر سر النهار ؛ لأن أكثر البطش والأخذ بها ، واليسار مظهر سر الليل ، ولذا قل عملها وكفا الجنة مع النار والبدن مع الروح حيث إن الجنة والبدن مظهر الظهور في النار ، والروح مظهر خلافه ؛ فافهم جدّا.
قال حضرة الشيخ : لا تحصل هذه الطريقة بالفنون بل بالجنون ، ولا بد للسالك من الموت قبل الموت ، والدخول في البرزخ والحشر والجنة حتى يحصل البقاء ، ثم قال باللسان التركي : [بيلمك بولمق ، والمق](١).
الأول : علم اليقين ، والثاني : عين اليقين ، والثالث : حق اليقين.
سأل بعض الجلساء عن أحوال السفر؟
فقال حضرة الشيخ : النصر بيد الله ثم تلا قوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٥] ، وقال : إن لفظ «من» عام يتناول المؤمن والكافر ، فتارة يمتحن المؤمنين ، وتارة يشدد البلاء على الكافرين ، وفي كل ذلك حكمة ومصلحة كما قال الله تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) [آل عمران : ٢٦] ؛ فإنه لا شر بالنسبة إلى الله تعالى إنما هو بالنسبة إلى العباد ، وجاء رجل يدعي تكميل الفنون ؛ فسأل عن قوله عليهالسلام في دعاء الاستخارة : «إن كنت تعلم» (٢).
__________________
(١) ألفاظ باللغة التركية.
(٢) رواه البخاري (١ / ٣٩١).