أقسام : قسم يثبتونه مطلقا اعتبارا وحقيقة على أنه غير الحق مطلقا أي : على أنه ليس الموجود أصلا لا حقيقة ولا اعتبارا ، وهم العارفون المكاشفون ، وقسم ينفونه حقيقة ، ويثبتونه اعتبارا على أنه أصل الحق سبحانه ، وهم المشاهدون والمعاينون ، وقسم ينفونه حقيقة ، ويثبتونه اعتبارا أيضا لكن على أنه عين الحق سبحانه ، وهم المحققون الواجدون ، وهذا من مزالق الأقدام قبل التحقق بحقيقة هذا المقام هدانا الله وإياكم إلى قوم سبيل السّلام ، وبيده أزمة الأمور والأحكام.
قال الشيخ : كن هيولانيّا ووحدانيّا ثم انتظر الفيض الإلهي ، ولا تنظر إلى شيء أصلا حتى مقامات الأنبياء والأولياء ؛ فإنها تجليات بحقيقة ، بل توجه إلى عالم الإطلاق ، وصف باطنك عن علاقات الأنفس والآفاق ؛ ليحصل تجلي الجزيل بحسب استعدادك ، وأفض من الظاهر قدر مبلغ علمك كالبحر المالح ، وأفض من الباطن حسبما يساعده عرفانك كالبحر العذب ، ولكن كن غنيا عن الجملة غير الله تعالى ألا ترى أن الله تعالى أفاض على كلّ شيء من الأشياء الموجودات ما هو مستعد له بحسب مرتبة مع أنه غني مطلق.
قال حضرة الشيخ : المرشد الكامل كتاب ناطق فما دام أمكن الوصول إليه وإلى صحبته ينبغي أن يكتفي بالكتاب الساكت ؛ فإن تأثير الناطق أبلغ ، وشكوت عن سوء الحال ، فقال : لا تقل فإني تفكرت مرة في أحوال الكمّل فهان عليّ نفسي ، واستولى عليّ الخوف العظيم ، واستمر مقدار شهرين ، وقيل لي وأنا في سنة الجمعة :
لا تخف ؛ فإن الله تعالى لو لم يرد بك الخير لما وفقك لرؤية جمال وليه ، وقد كنت خادم نعله زمانا ، وصحبت به أعواما ، واعتقدته اعتقادا تاما فذلك من العناية الأزلية في حقك يا حقي ، فزال عني ما بي من الخوف الغالب ، واعتدل حالي ، والحمد لله تعالى ، وأراد بالولي من هو مستغن عن التعريف ـ أعني : حضرة الشيخ قدسسره.
قال حضرة الشيخ : هذا الزمان زمان سكوت ؛ فإنه قلمّا يوجد من يصلح للمكالمة من الفناء والصرف ، ونظر إلى الأشجار في حول البحر ؛ فقال : إن هذه الأشياء على ما كانت عليه في القدرة العلمية لا يجوز أن يكون على خلاف ما هي