قال
حضرة الشيخ الأكبر ـ قدسسره الأطهر : قرأ بعض أصحابه «إحياء العلوم» في مكة المكرمة
، وأنه خطّأ الإمام الغزالي في موضع من الإحياء مما يتعلق بالاعتقاديات ، لكن يدل
هذا التدريس والقرآن على عظم شأن ذلك الكتاب ومؤلفه ، ولا يقدح فيه القدح المذكور
بناء على تفاوت مقامات العارفين ، وقد شهد له في بعض كتبه بأنه من رؤساء هذه
الطريقة.
قال
حضرة الشيخ : الاسم الثاني مجازي من حيث كونه ملفوظا ومكتوبا ، وحقيقة الأطعمة
والأشربة والمعاجين المتخذة للمريض من العقاقير المختلفة ، كما أن قطب الوجود نفسه
هو الاسم الأعظم في الحقيقة ؛ فإن الاسم في الحقيقة هو التعين ، والله تعالى مبجل
في كل تعين بما يناسبه من الأسماء والصفات.
أقول : من أعجب ما قيل في هذا الباب قول «يونس أمره» الذي
شهد له الرجال بالكمال في بعض كلماته التركية : [بتوردم يوسفي كنعان ايلنده بولندى
يوسفم كنعان بولنمز].
فإنه يريد بهذا
الكلام أنه قبل أن ينكشف عنه الغطاء كان محجوبا عن إدراك جمال يوسف الحقيقي في أرض
كنعان الكثرة ، فلما ارتد بصيرا بإلقاء قميص تجلى أنوار الجمال على وجه يوسف ،
ورأي جماله المنير ، وغابت عنه كنعان يعني لم ير بعد هذا التجلي في المظاهر إلّا
الهوية السارية في جميع الموجودات ، ففقد ما وجده ، ووجد ما فقده ، بل كان المفقود
عين الموجود ، عين المفقود ، وما ثم إلا كشف الغطاء ، وإزالة الحجاب.
أقول
: ضرب لهذا مثل
، وهو أن الحيتان قال بعضها لبعض : سمعنا أن في المحل الفلاني حوتا رأى الماء ،
فاجتمعت عنده ، وسألت عنه : إنه قيل في حقك أنك رأيت الماء؟ فقال : أروني أن في
هذا المحل غير الماء حتى أريكم ، فافهم الإشارة ؛ فإنه ليس وراء عبادان قرية.
واشتكيت إلى
حضرة الشيخ يوما عن كثافة الحجاب فقال ـ من وجه العتاب : هذا ليس من كلام أهل
الطريقة ، وإنما اللائق بك أن تنظر إلى قوله تعالى : (مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ) [الأعراف : ٢٩] فتعبده وأنت عبد حق لا أن تعبده لإزالة الحجاب ، وظهور
الحرارة للقلب ، وحصول الكشف والعلوم والأذواق ؛ فإن دنيا أهل
__________________