الصور ، يعني أن حواء بطنت في آدم ثم ظهرت بزيادة صفة ، والنار بطنت في النور ثم ظهرت كذلك ، واختلاف صورتها لا يقدح في كون أحدهما عين الآخر في الحقيقة ، وهنا سر عظيم في حق أهل النار ينفهم من قوله : «سبقت رحمتي غضبي» (١) ففي النار والغضب بطن النور والرحمة ؛ لأنه في الفرع ما في الأصل ، فافهم.
قال حضرة الشيخ : إن سهل بن عبد الله التستري ـ قدسسره ـ تمّ له أمر السلوك في صباوته لكمال لطافة حجابه ، فلم يحتج إلى مدة طويلة بمجاهدة ورياضة عريضة ، فإنه يختلف السلاك في الوصول إلى الله سرعة وبطئا بحسب لطافة الحجاب وكثافته ، فروح الكامل سريعة التعلق ببدنه في التنزيل الرحماني ، فلا يمكث في العوالم مكث أرواح الناقصين ثم إذا تعلق ببدنه لا يسرع له الانتقال إلى المقصود من غير تعب ، كما قال حضرة الشيخ الأكبر ـ قدسسره ـ : المجذوب من اختار الله له في الأزل البلوغ إليه بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطور مع الفطر إليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده ، والمجذوب بعد السلوك هو من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل في علاج وجودها بتوفيق الله حتى أفناها ، ولم يبق له سواه سبحانه ، انتهى الكلام الأكبري في كتاب «تلقيح الأذهان».
قال حضرة الشيخ : الجلال عند الصوفية ما جاء من حيث لا يحتسب ، بحيث لم يكن في حصوله حركة لا صوريه ولا فكرية ، ولا يشترط فيه أن يكون من صالح أو غيره ، وإليه الإشارة بقول حضرة الهدائي : [كله بريسنه كيم من غير طلب انى حقدن بيلور ارباب ادب](٢).
قال حضرة الشيخ في قول الهدائي في بعض إلهياته التركية : [كجوب فرما نيله بونجه عوالم كنوركن عالم انسانه كلدك](٣) : إن الإنسان يعبر إلى المنازل حين نزوله إلى هذا العالم ، ويتعين بتعينها ، ولا يقدح هذا التعين في حقيقته ، ومثاله الأصلي ، وآخر ما يصير إليه بعد عبوره من المولدات النطفية ، والمتعين بتعينها ، ثم يسوية الله بتركيب خاص في رحم الأم.
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) كلام تركي.
(٣) كلام تركي.