الطريقة العلم الظاهر من القوانين والرسوم ، وآخرتهم العلم الباطن من الأذواق والكشف والتقيد بكليهما.
حجاب الأول : حجاب ظلماني.
وحجاب الثانى : حجاب نوراني ، وأهل كل منهما محجوبون عن الحق ، فإن الدنيا والآخرة حرامان على أهل الله ، وإنما المنع والعطاء بيد الله ، وينبغي لعبد الحق أن يكون المنع والعطاء سواء عنده ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [الحديد : ٢٣] فإن جذب المحبوب ، ودفع المكروه من الشهوات عند أهل الله ، فاترك التصرف بتصرف الحق فيك بما أراد ، اللهم اجعلنا عبيدا مطلقين ، وبحقيقة العبودية متحققين.
قال حضرة الشيخ ـ بطريقة التوجه : عليك بالصوم كل يوم ؛ فإنه طريقة أهل الحق ، وحافظ على أوقاتك لا سيما الغدو والرواح فلا تغفل عن التوجه إلالهي عند الصباح إلى وقت الضحى ، ومن العصر إلى وقت المغرب بمقتضى ظاهر قوله تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الإنسان : ٢٥].
فإذا جاء زمان الإفطار افطر بما تيسر لك من الحلال الطيب ، ثم صلّ المغرب صلاة الأوابين ، ثم لا تشتغل بعدها إلّا بالذكر والفكر بالقلب الهيولاني الوجداني ، وأخّر الأكل إلى أن يقوم أهل الغفلة عن مائدتهم ، وعنده كل قدر ما يعتدل به مزاجك ، ويسكن قلبك ، ويقوى بدنك عن الطاعة إلى المساء الآتي ، وما بين العشائين وقت شريف وزمان فتح وفيض ينبغي أن يصرف إلى المعاد لا إلى المعاش ، وأن مخالفة الجمهور في وقت الطعام فهي مفيدة لنا إذ لا بدّ من مخالفتهم في عاداتهم وأحوالهم ؛ فإن طريقنا طريق الأصحاب رضي الله عنهم لا طريق أهل العرف.
قال حضرة الشيخ : إني إذا وصلت إلى مدينة «بروسة» فالزم مكانك ثلاث سنين وأخّر الزيارة إلى تمام هذه المدة ؛ فإن في التثليث سر الفردية ومن ثبت نبت.
أقول : كان يوصى بهذا جميع الخلفاء رعاية لهذا السر ، وربما نسخ هذا بحسب المصلحة كما سيجيء ، ووصّى أن يكون وردي كل يوم جزءا كاملا من القرآن على ما هو عادته الشريفة ، وهذا ما عدا الأوراد التي عينها لي حين المبايعة ، وسمعت منه قبل وفاته بشهور أنه قال : لم أترك إلى الآن الورد الذي ألزمنيه شيخي ، وأنا الآن كما كنت في خدمته قبل ولا أعرف لنفسي رتبة وفضلا ، وإن طال الأمد وكان ما