قال حضرة الشيخ الأكبر ـ قدس الله سره الأطهر : قد يظهر من الخليفة الأخذ لحكم من الله ما يخالف حديثا ما في الحكم فيخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك ، وإنما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي ، ولو ثبت الحكم به ، وإن كان طريق الإسناد العدل بمقصوم الوهم مبدأ السهو والنسيان ، ولا من النقل على المعنى الذي هو مبدأ التأويلات والتحريفات ، فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، انتهى كلامه.
قال حضرة الشيخ في هذا المقام من كلام الفصوص : إن المريد الحقيقي لا يتخلص عن حقيقة الاعتراض إلا بعد إيمانه الكامل بأن مرشده هذه الخلافة والكشف ؛ فانه يجوز أن يكون المرشد ممن له حظ أوفى من هذا المقام ، فما يأتي ويذر إلا بما أعطاه الكشف الصحيح.
أقول : ذكر أن حضرة الشيخ المدعو ب «وفا القسطنطينة» ـ قدسسره ـ كان يصلي الظهر في آخر وقتها ، وكان يجهر بالبسملة في الجهرية مع كونه حنفي المذهب لكن شأنه العالي يأبى أن يخالف الظواهر ، فإنما فعل ما فعل بحسب الكشف الإلهي لا من عند نفسه ، وكان فوق الكل في زمانه ، فالطعن لمثله لا يثمر إلا التعب في الدنيا ، والتنزيل في العقبى ، عفا الله المولى.
قال حضرة الشيخ : الكلام مقلوب الكمال فآخر الكمال الكلام ، كما أن أول الكلام الكمال ؛ لأن أول التعينات الإلهية هو الهوية الذاتية ، وآخرها الكلام ، ولذا يقال الحياة ، والعلم ، والإرادة ، والقدرة ، والسمع ، والبصر ، والكلام على الترتيب إلا أن أول ما يبدو في الجنين حسن السمع ، ولذا منع في الشرع من وطئ الحامل المطلقة أو المتوفى عنها زوجها إلى أن تلد ؛ لأن بالوطئ يزداد حس الجنين ، فيكون كالسقي لحرث الغير ، ثم بعد أن ولد يظهر حس البصر والكلام فآخر ما يظهر بعد الولادة هو البيان [...](١) يجرى في عالم الغيب ، ومن فقد حسّا فقد علما ، ومن فقد علما فقد عيانا ، ومن لا عيان له لا حضور له ، ومن لا حضور له لا حلاوة لطاعته.
قال حضرة الشيخ : النور والنار حقيقة واحدة إلا أن النور إذا اشتد ظهوره يسمى نارا ، فالنار مؤنث ، والنور مذكر ، وكما أن في آدم وحواء ـ عليهماالسلام ـ سر البطون والظهور ، وإن اختلف التشخص ، فكذا في النور والنار ، وإن تنوعت
__________________
(١) بياض بالأصل.