أقول : وداود عليهالسلام لم ينظر إلى ملك سليمان ، ولذا رجح التسبيحة على ملكه العظيم ، فهو في ملكه في عين التجرد ، وأما التلبس بحسب الظاهر ، فقد كان بإرادة الله تعالى ، ومن دخل في أمر الحق فهو بالحق دائما فلا يشغله شأن عن شأن.
وأما صاحب المحمدية : [دانه كيم يدى كركوهرا ولسه ياتميم ، ايتميم هركز نظر كوررايسم زرين جبال](١) فلا يقدح في شأن آدم عليهالسلام كما يزعمه بعض العامة.
والمقصود من هذا الكلام بيان همته العالية ، وكذا قول الحافظ : «يدرم روضة جثت بدو كندم بفروحت ناحلف باشم لكز من بجوى نغروشم» (٢) ، فإنه يشير إلى أن المطلب الأعلى هو الوصول إلى الله تعالى ، فمن كان مطمح نظره ذلك فهو لا يلتفت إلى الجنة ونعميمها ، فضلا عن الدنيا ونسيمها ؛ فإن ما سوى الله لا قدر له عند الله إلا قدر ما أذن الله ، فافهم. ومنه يعرف معنى قول الشيخ الشهير ب «يونس أمره» : [جنت جنت ديدكلرى برقاج اوله ، برماج حورى اسنينه وبرسون إلى بكاسنى كرك سنى](٣). فإن مراده تعظيم المولى الذي أنشأ ما شاء ، لا تحقير الجنة ، فمن قنع بالدنيا خسرت تجارته ، ومن قنع بالآخرة ربحت صفقته ، ومن قنع بالله عظمت بضاعته ، واتسعت دولته ، واستغنى غناء يستصغر عنده الدهر وقيمته ، وإياك والطعن في أولياء الله ؛ فإن تحت عباراتهم معاني مقصودة ، وإن كان تنبئ بعض العبارات على غير ما ينبغي بالاعتبار الظاهر.
قال حضرة الشيخ : كان السلف يعدون سوء أخلاق نسائهم من سوء أخلاق أنفسهم ، وذلك لأن المرأة إشارة إلى الطبيعة ، والنفس والرجل إلى القلب والروح ، والقلب قطع الوجود الإنساني ، فمتى صلح ، صلح الجسد بجميع قواه ، ومتى فسد فسد الجسد كله بجميع قواه أيضا ، فسوء الأدب من طرف المرأة إشارة إلى بقية الوجود في طرف الرجل ، فيحتاج إلى المجاهدة القوية إلى أن تحصل التزكية المعنوية والموافقة الأنفسية والآفاقية ، ألا ترى أن النبي عليهالسلام لما قوي توجهه بروحه إلى التسبيح والتحميد ، سرى ذلك إلى أعضائه وقواه في الخارج ، فلا جرم كانت تسبح تسبيحه عليهالسلام.
__________________
(١) كلام تركي.
(٢) كلام تركي.
(٣) كلام تركي.