بعض أحباب حضرة الشيخ في المنام حضرة الهدائي فقال له : إن قولنا (لا)
بالنسبة إلى عالم الفرق ، فليس له أي : ل «لا» وجود في الحقيقة ؛ لأن النفي متوهم.
قال
حضرة الشيخ : النفس مطية كل سالك ، وحق المطية أن يعطي علفها في الليل والنهار بعد
قطع الطريق في النهار ، وكذا النفس يعطي حظها من الغذاء على الاعتدال في الليل
والنهار بعد الإمساك في النهار.
فالمطية الأولى
تقطع الطريق الصوري على أقدام الصورة فتصل إلى المنزل.
والمطية
الثانية تقطع الطريق المعنوي على أقدام المعنوي فتصل إلى المطلوب ، فلا بدّ من
الحركة ؛ فإن الفرق في السكون.
كنت عند حضرة
الشيخ في ساحل النهر في دار السلطان محمد الرابع قبيل المغرب ، وكان مدعوا للوعظ
والتذكير ، فقلت : الحمد لله على أنه ليس لي رائحة لدعوى أصلا وإنما بضاعتي الآن
العجز والافتقار.
فقال
حضرة الشيخ : نعوذ بالله من النفس ودعواها الجلية والخفية ، فتفطنت على الفور أن في
كلامه هذا نوعا من التأديب لي خفيّا ، وذلك لأن مكر النفس وحيلها أخفى من دبيب
النمل على الصخرة الصماء ، فالدعوى عدم الدعوى ، و «القول ما قالت حذام» .
قال
حضرة الشيخ : من عرف نفسه من حيث إنه إجمال لتفصيل العالم ، وفيه ما فيه ، وعرف أن
الأكوان صور الأسماء الإلهية عبارة عن الذات المطلقة عرف ربه عرفانا لا يتداخله
وهم ولا خيال ، ولا يعتريه شرك ولا ضلال.
وقال
حضرة الشيخ : التلوين تلوينان : تلوين قبل التحقيق وهو تلوين أهل الحجاب ، وتلوين بعد
التحقيق وهو تلوين أهل الكشف.
والتمكين أيضا
تمكينان : تمكين في التحقيق بعد التلوين وهو تمكين أهل الفناء ، وتمكين في التلوين
بعد التحقيق وهو تمكين أهل البقاء.
قال
حضرة الشيخ : إن المريد في الشريعة من لا إرادة له ؛ لأن الشريعة تثبت الإرادة لغير
الله تعالى ، والمريد في الحقيقة من لا إرادة له لأن الحقيقة في الباطن ، وأثبت ما
أثبتته الشريعة في الظاهر ، ونفي ما نفته الحقيقة في الباطن حتى يكون عبدا معتدلا
متوسطا على مشرب الأنبياء العظام ، ومذهب الأولياء الكرام من السابقين
__________________