ونفسية فالمعنى ليس كالتجلي الإلهي الذي هو أول التجليات شيء إذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة ، وهى كلها تحت حيطه.
واعلم أن تعين التجلي الذاتي من الحضرة الإلهية لا من الذات الأحدية ؛ فإنه لا رسم ولا اسم فيها.
قال حضرة الشيخ : ورد في القرآن : (خَلَقْتَ) ، و (خَلَقْنا) ، و (جَعَلْتُ) ، و (جَعَلْنَا) بالإفراد والجمع.
وسرّه : أن الإفراد بالنظر إلى الذات ، والجمع بالنظر إلى الأسماء والصفات.
وقال حضرة الشيخ : الولاية المطلقة تختم بعيسى عليهالسلام وعند ذلك يتسارع الفساد إلى عالم الكون لكن بقاء الكفار أياما بعد عيسى عليهالسلام إنما هو لقرب مفارقة الكون من الروح الذي هو الإنسان الكامل. ألا ترى أن الجسم يبقى أياما في القبر بعد مفارقة الروح لقرب عهد المفارقة ، فالبقاء من تأثير الروح ، ثم يتسارع إليه الفساد فيبلى يوما فيوما ، وتنحل أجزاؤه إلى أن يصير كأن لم يكن شيئا مذكورا ، وأمرا موجودا معلوما.
قال حضرة الشيخ : إن أبا بكر رضي الله عنه لما تصدق بجميع ماله في غزوة تبوك حين حث النبي عليهالسلام الأصحاب على الصدقة ، وتجهيز الجيش ، وجاء النبي عليهالسلام وليس عليه إلا سترة خلقة من السرة إلى الركبة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ فقال : الله ورسوله» ، ثم جاء عمر وقد تصدق بنصف ماله ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم ما قال لأبي بكر ، فقال عمر : أبقيت نصفه ، فقال عليهالسلام : «ما بينكما كما بين كلاميكما» (١).
ومنه يعرف فضل أبي بكر رضي الله عنه على عمر رضي الله عنه لكن الفاضلية من وجه آخر ألا ترى أن أسارى بدر رأى أبو بكر فيهم أخذ الفدية منهم والإطلاق ، ورأي عمر فيهم ضرب رقابهم فأنزل الله الآية موافقة لرأي عمر وهو قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) [الأنفال : ٦٧] فظهر من هذا الوجه فضل عمر على أبي بكر ، ومن هذا الباب قصة تأبير النخل ، فانظر التقدم والتأخر في رتب العلم بالله لا في الكشف والكرامات الكونية ، وإصابة الرأي في
__________________
(١) رواه أبو داود (١٤٢٩) ، والترمذي (٣٦٠٨) ، والدارمي (١٦٠١).