كنت ممن وقف على سر القدر ، وما سألت إلا ما اقتضيته ، وإلا فما بعثك على السؤال إلا استعمال الطبيعي.
والمراد بالقدر هو القضاء إلالهي ، والشأن الغيي ، ويسره ما اقتضته العين الثابتة.
قال حضرة الشيخ : إن الصور الحسية مظاهر الصور المثالية ، وهى مظاهر المجردات ، وهى مظاهر الصور العلمية ، وهى مظاهر الأعيان الثابتة ، وهى مظاهر الأسماء ، وهى مظاهر الصفات ، وهى مظاهر تجليات الذات الأحدية ؛ فالحقيقة كانت جمعا قبل هذه الآثار ، وصارت فرقا بعدها ثم كانت جمعا في آدم عليهالسلام ؛ لأنه المظهر الكامل الجامع بين الجمال والجلال.
ثم كانت فرقا في أولاده ألا ترى أن قابيل كان مظهر الجلال ، وهابيل مظهر الجمال ، ثم ظهرت الجمعية الأولى في شيث عليهالسلام ، ولذا جعله آدم عليهالسلام وصيّا.
فسنة الله مذ تجليه بأسمائه وصفاته إظهار الباطن ، وإبطان الظاهر ، إلى انتهاء العالم ، فآدم هو الكون الجامع ، وهو بمرتبة الذات الأحدية ، وحواء بمرتبة الصفات ، والأولاد بمرتبة الآثار ، فالأثر يقع مرة جامعا بين سوء الأبوين ، ومرة فارقا بعينه بأن تكون الغلبة في نشأته للذات أو الصفة ، والجمال ، والجلال ، والذات الأحدية لها المرتبة العليا ، والصفة لها الفضيلة العظمى ، ومرتبة الجمع لها الجمعية الكبرى ؛ فلآدم عليهالسلام المرتبة العليا ؛ لأنه بمنزلة الحمد لله ، ولحواء الفضيلة العظمى ؛ لأنها بمنزلة رب العالمين لتربية رحمها ، وشرف الصفة أيضا لا يخفى.
ولذا ذهب أهل الحقائق إلى أن المرأة وإن كانت عند أهل الشريعة ناقصة لا يصح الاقتداء بها لكنها عند أهل الحقيقة كاملة وإلى كمالها يشير قوله تعالى في قصة حفصة وعائشة ـ رضي الله عنهما : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] حيث جعل الله تعالى نصرته ، ونصرة جبريل ، وصالح المؤمنين ، والمقابلة تظاهر امرأتين ، وهو من شواهد كمالها ، وقدمها في الغاية.
قال حضرة الشيخ في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] المثل عند أهل الظاهر زائد لئلا يستلزم وجود المثل له تعالى ، وليس بزائد عند أهل الحقيقة ، فإن الهاء إشارة إلى الهوية الذاتية ، والمثل إشارة إلى التجلي الأول أي : تجلي حضرة الاسم الجامع جميع الأسماء والصفات ؛ فإن أول مثال من هذه التمثلات آفاقية