في تجلياته غنيّ عن العالمين ، فالله هو هو ، الأشياء أشياء ، فالله لا يكون عبدا ، كما أن العبد لا يكون ربّا.
ولذا قال بعض الأكامل : كن عبد رب ، ولا تكن رب عبد ، إشارة إلى التنفير عن الظهور بالصفات الإلهية بين الخلق ، كما عليه أهل المكر ، ولا يعرفه إلا أهله. فقد اختار الكمّل الستر ، وترك التصرف ، والظهور بالعجز والضعف والافتقار.
والحمد لله : أي على إظهار كماله في تجلّي ألوهيته ؛ إذ به يظهر المراتب لكل متقدم ومتأخر ومسخر ومسخر له ، وبه ينتظم أمر العالم ، ويتم النعمة.
ولله الحمد على ذلك ، فإن كل ما أظهره وأوصله فنعمة محمودة محبوبة ، وليس فيه أمر مكروه إلا بحسب الطباع ، وذلك لا يستلزم كراهته في نفسه ، وكونه مكروها بحسب الطباع من الحكمة الإلهية ؛ إذ به يظهر مقام الصبر ، كما أنه بالمحبوب يظهر مقام الشكر.
ولا إله إلا الله : أي في كل مقام التسبيح والتحميد والتنزيه والتشبيه ، والخلق والحق ، فمن كان محققا أخذ بالتوحيد والتجريد والتفريد ، ومن كان خلافه وقع في الإلحاد والتقليد ، وما نجا إلا المحقق ، فعليك بطريقه ، والأخذ من ثمرات تحقيقه ، فقد كنت واصلا إلى سر وحدة الوجود ، وأدمت الشهود ، وأقمت السجود.
والله أكبر : أي له الكبرياء الزائدة البالغة ، وله العظمة الكاملة الجامعة ، ومنه قول المصلّي : الله أكبر في جميع الأفعال والانتقالات ؛ إشارة إلى تنزهه تعالى عن التقيد بالقيام والقعود ، ونحو ذلك ، فإن التقيد يوهم التغيّر ، ولا تغير على الله في ذاته وصفاته. ولا حول : أي عما سوى الله ، ولا قوة : أي على الإقبال إلى الله. إلا بالله (١).
__________________
ـ وما كان محبوبا إلى الرحمن عمته رحمته وفازت بأرواحه أرواح الذاكرين والله يحب المحسنين بكل الأذكار فلا يبقي عليهم روحا من الأوزار.
(١) قال سيدي ابن سبعين : اعلم أن لا حول ولا قوة إلا بالله. يجب عليها الأدب والاستغفار عند الخواص إذا تمت على سدادها ، فيكف قول أنت أنت لمن إذا أطلق القول عليه مع العدم بترادف