يعوقني عن المعارج العلى ، وإني أدخل كل ليل في الملكوت ، وأسير في العرش ، وإلى كلمات جليلة أسمعها في ذلك السير ، فسألته عن بعض أحواله ، وعن صيامه وقيامه ، كيف كان هو؟ فأقرّ بأنه كان يترك الفرائض لا سيما الصلاة ، ولا يشتغل بها بناء على أن الاشتغال بها من القيود الكونية ، ولا حاجة لها للأرواح العلوية.
فعرفت من ذلك أنه نفساني شيطاني وأن سيره إنما هو في ظاهره الكمون من طريق السير الخيالي.
وخطر ببالي ما قاله حضرة الشيخ محيي الدين العربي قدسسره في الفتوحات المكية من أنه أكثر أولياء بغداد ماتوا على المكر والاستدراك ، وذلك أنهم كانوا يتوارد عليهم الفيض الإلهي مع إصرارهم على الإخلال ببعض الشرائع ، فكانوا يظنون أن ذلك لا يضرّهم ، وما عرفوا أن ذلك من قبيل المكر الإلهي ، والاستدراك القهاري ، نعوذ بالله من ذلك.
ونعم قول من قال : المجاهدات تورّث المشاهدات ، فكل فرض وواجب وسنة من الفرائض والواجبات والسنن ، فهو داخل في المجاهدات.
ولا شك أن الاشتغال به مما يورث المشاهدات الصحيحة القلبية الروحانية التي عليها أهل الله تعالى من أهل الكشف.
وارد في السفر
خرجنا من بلدة بروسة بطريق الهجرة إلى الشام يوم الإثنين الخامس والعشرين من شهر رجب الأصم من سنة تسع وعشرين ومائة وألف ، ودخلنا الشام يوم الأحد الخامس عشر من شهر رمضان ، فرجع العود إلى البدء ، كما قيل : إن النهاية هي الرجوع إلى البداية ، وذلك أن يوم الأحد الذي هو نهاية السفر متصل بيوم الإثنين الذي هو بدايته ، والخمسة المفهومة من الخامس ، والخميس التي هي مدة السفر إشارة إلى الحضرات الخمس التي لا يتم سير الموجودات الخارجية إلا بالوصول إلى نهايتها طورا بعد طور.
وقد كان مدة مكثي في القسطنطينية في سفر الحج خمسين ، وكذا مدة الوصول إلى مصر ، وكذا وقع لي في السفر الأول للحج في الألفات الأربعة أنه ظهر