وارد في شرب الدّخان
والقهوة
كان مرجع الطريقة الجلوتية ـ بالجيم ـ الشيخ الشهير بإفتائه ، المدفون في بلدة «بروسة» أوصاني في المنام بألا أتعرض في مجلس الوعظ وغيره لمن شرب الدخان (١) ، ولأهل القهوة ، وللطائفة الشهيرة بالمولى ، بناء على أنهم مصرّون على أفعالهم ، وأنه لا يجتمع فيهم الوعظ.
فالتعرض لهم ولأفعالهم ليس من مقتضيات الزمان ، وإن الحكمة الإلهية لا تعطينا ذلك ، وقد كان من أحفاده بعض من يشرب الدخان ، ويظن بعض الناس فيه الظنّ الحسن.
فرأيت في المنام أن الشيخ أفتاه ـ قدسسره ـ بشرب الدخان ، مع أنه ليس من شأنه تجويز ذلك فضلا عن شربه ، فأدليت ذلك بأمرين :
الأول : أن الشيخ إشارة إلى الروحانية ، واشتعال الروح بملاحظة الدخان وشربه ؛ بل هو من المباحات.
قلت : لا إنما هو من المساوئ ، ولغو الأفكار ، فإنه لا شك في كونه من الخبائث ، وأن من شربه كان مشاركا لأراذل العوام ؛ بل للكفرة الفجرة في أرذل الأمور الخسيسة الطبيعية ، ومشاركتهم في ذلك مما يوجب التنزّل والانحطاط عن
__________________
(١) قلت : في المسألة خلاف عند أهل العلم ، فممن أباحه : الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه : الصلح بين الإخوان في حكم إباحة الدخان ، ورسالة في التدخين والقهوة ، ونور الدين الأجهوري في غاية البيان لحل شرب الدخان ، والشيخ سلامة الراضي في الإعلان بعدم تحريم الدخان ، وابنه الشيخ محمود بن سلامة في تأييد الإعلان ، والشيخ محمد الصادق في كف اللسان وشل البنان عن ذم وأذية شارب الدخان ، والشيخ الزبيدي في هداية الإخوان في شجرة الدخان ، وابن حافي في رسالة في الدخان ، والكركوكي في رسالة في مص الدخان ، ومحمد بن إسماعيل بن الأمير في الإدراك لضعف أدلة تحريم التنباك ، والأقحصاري الرومي في الرسالة الدخانية ، وأحمد المقري صاحب نفح الطيب في أجوبة اجتناب الدخان ، وكوكب زاده في رسالة الرد على من حرم الدخان ، والشوكاني في رسالة ضمن الرسائل السلفية.
قلت : والجمهور على الكراهة ، والبعض قال بالتحريم ، البعض بالإباحة مع التقييد بشروط والله أعلم.