__________________
ـ أسراره ، واختصهم من بين الأمة بطوالع أنواره ، فهم الغياث للخلق والدائرون في عموم أحوالهم مع الحق انتهى.
وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السّلام في جواب له : لا يشك عاقل أن العارفين بما يجب لله من أوصاف الجلال ونعوت الكمال ، وما يستحيل عليه من العيب والنقصان أفضل من العارفين بالأحكام ، بل العارفون بالله أفضل من أهل الفروع والأصول. راجع كلامه برمته في «تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية» للسيوطى.
ولهذين العلمين يشير أبو القاسم الجنيد رضي الله عنه بقوله : العلم علمان : علم العبودية ، وعلم الربوبية ، والبواقي حدس النفس.
وفي «الروضات العرشية في الكلام على الصلوات المشيشية» للشيخ سيدي مصطفى بن كمال البكري لدى قولها : وتنزلت علوم آدم ما نصه : واعلم أن أصول العلوم على ما قاله بعض أهل الفهوم مائة ألف علم أو أكثر ، وأما الفروع فلا تحصر ، وهي من حيث هي منقسمة إلى قسمين : علم درسي وعلم نفسي.
والأول علم الطروس ، والثاني علم الصدور المحروس ، والأول سفيره الإفهام ، والثاني الإلهام ، والأول كسبي والثاني وهبي والأول طريقه الجد والعناء ، والثاني الغبطة والفناء ، والأول حجة ، والثاني محجة لقوله صلىاللهعليهوسلم : «العلم علمان : علم في القلب ، فذلك العلم النافع ، وعلم في اللسان ، فذلك حجة الله على ابن آدم». كذا في «الجامع الصغير».
والأول لا يستغنى فيه عن الوسائط الجمة ، والثاني ربما يستغني فيه عنها آخرا عند رفع الحجب المدلهمة ، أو ثمل فيقول الذي قلت وسائطه : حدثني قلبي عن ربي ، ويقول : من استغني عنها حدثني ربى ، أي : بطريق الإلهام.
قال أبو يزيد قدس الله سره : أخذتم علمكم ميتا عن ميت ، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.
وأنشد سيدي عمر بن الفارض قدس الله سره :
ولا تك ممن طيشته دروسه |
|
بحيث استقلّت عقله واستقرت |
فثمّ وراء النقل ، علم يدق عن |
|
مدارك غايات العقول السليمة |
تلقيته مني ، وعني أخذته |
|
ونفسي كانت من عطائي ممدتي(١) |
قال : ثم العلم على قسمين من حيث أصل تقسيمه : قديم وحادث ، فالقديم هو الصفة الكاشفة القديمة المتعلقة بالواجبات والجائزات والمستحيلات ، والحادث هو ما أفاض به الحق وجاد به على عباده متنوعا متكثرا مجملا ومفصلا ، وما يفيضه عليهم دنيا وأخرى فإن فيض الحق لا ينقطع أبدا ، وهذا