٧٠ ـ وأمّا قوله : «من ثبت نبت» (١) ؛ فإنما هو في حال التلوينات أو غيرها.
واعلم أن أحسن الأخلاق بين الله وبين عبده ؛ هو الرضا والتسليم ، وأحسنها بين العباد ؛ السخاء وحسن الخلق.
كما ورد : «إن لله ثلاثمائة وستين خلقا» (٢) ؛ أحسنها السخاء ؛ لأن فيه تخلّقا بسرّ الوجود والفيض الذي هو من عين المنّة ، فمن كان جوّادا في ماله ؛ كان في نفسه ، كذلك كحال الخليل عليهالسلام.
ولا شك إن كلّا من المال والولد والنفس حجب كونية لا بد للسالك من خرقها ، والولوج في عالم الجبروت والمعاني ، أيّدنا الله تعالى وإياكم في طريقه ، وأذاقنا حلاوة فيضه وتوفيقه ، آمين بجاه النبي الأمين.
ظهر لي ليلة الخميس التاسع من شهر المولد النبوي من سنة ثلاثين ومائة وألف : إن كتب الهداية لا تباع وأعظمها القرآن ، ثم الحديث ، ثم التفسير ، ثم ما يتوسّل إلى ذلك من العلوم النافعة ، ومن ثم ذهب العلماء إلى كراهة بيع المصحف ، والتلاوة بالأجرة ونحو ذلك ؛ لأن ما كان من الأمور الأخروية ؛ فله قدر عند الله تعالى ، وما له قدر عنده كيف يباع بثمن بخس دراهم معدودة؟ فما رفعه الميزان الإلهي لا يخفض ولا يوضع.
ثم إن المراد من كتب الهداية من طريق الإشارة ؛ هي كلمات الله التامات ؛ وهي الأرواح الخيّرة ؛ كالأنبياء ، وكمّل الأولياء ، فإن وجوداتهم كتب إلهية مشتملة على الحروف ، والكلمات ، والآيات ، والسور الإلهية الحقيقية ، وكلها لدعوة الناس ، وهدايتهم إلى الله تعالى كما قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢].
ولا شك أن هذه الكتب ؛ هي سرّ الله الأعظم ؛ ولعظمها لو بيعت ؛ لبيعت بالله تعالى ، والله لا يباع بالله ، فليس هذه الكتب ما يقابلها من الثمن ، فمن وجدها ؛ فقد
__________________
(١) لم أقف عليه.
(٢) لم أقف عليه.