والصلاة الشرعيين ؛ لأن تجليات الحقائق إنما هي تحت تجليات الأحكام والشرائع ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦].
فمن عصى في الشرائع ؛ خرج عن حد الملك ، ومن عصى في الحقائق ؛ خرج عن حد الإنسان الحقيقي ، وبقى مع الحيوانات ، فإن قلت على الملائكة : شرائع ، قلت : أمّا الملائكة السماوية فلهم أوامر يتعبدون الله تعالى بها ؛ لأن مرتب مقامهم لا يقتضي النواهي ، وأمّا الملائكة الأرضية فلهم أوامر ، ونواه كالإنسان ، وذلك من حيث اتصالهم بمرتبة الإنسان المأمور بكل من الأمر والنهي.
لكن الإنسان في مرتبة الأمر والنهي أقوى منهم ، كما أن هذه الأمة المرحومة
__________________
ـ من الشجرة ولم يؤذن له ، فإنما تناولها بخدع الشيطان ، فوجد إلى جوفه سبيلا مع تلك الأكلة التي نهاه الله ـ سبحانه ـ عنها ، فاستقرت المعدة في موضع الفضول ، فأنتن ذلك الموضع باستقرار هذا الرجس النجس هاهنا ، فصار ذلك وراثة في ولده.
فهناك مستقرة في جوف الآدمي ، فإذا خرج ريح الفضول أو بلة ؛ فإنما يخرج من مستقره ، وإن طريق إبليس من مواضع الحدث ؛ فلذلك صار موضع الحدث ؛ لأنه طريقة وليس له سبيل من قبل مخرج التوحيد والقرآن ، فصار ذلك الطريق موضع حدث ، فما خرج منها لزمها التطهير ؛ لأنه ينجّس بنجاسة الشيطان وكفره.
ولذلك قال أهل المدينة في الدم : إنه لا يجب فيه الوضوء ، ولا في الرعاف ولا في القيء ، من هاهنا أخذوه.
وقال أهل الفقه من أهل الكوفة : هذا كله نجس من طريق ، فمن طريق النجاسة التزموه ، ومن أجل هذه العلة صار نجسا.
ألا ترى أن ما خرج من النصف الأعلى ، والقيء إذا كان من الفمّ من النخامة والقيء والبلغم ليس بنجس ، والدم والعذرة والبول هو من مستقرّه ومحله وهو نجس بنجاسته ، فأينما خرج الدم فهو حدث ، ولا ينظر من أين خرج؟ إنما ينظر إلى نفس الشيء من أين جرى؟ هذا قول أهل الكوفة ، وهو أشبه عندنا وأليق ، فهذه علّة الوضوء.