أراد باللكع ؛ اللئيم ؛ وهو ضد الكريم.
فإن الدنيا تقوم بكرم الكرماء ، فإذا صارت إلى اللئيم البخيل ؛ كان ذلك من أشراط الساعة على أن اللئيم يخطئ غالبا ؛ إذ ليس بأصل بخلاف الأصل ، فإنه لا يخطئ كما ورد في الأثر.
والحاصل : إن الكرم من شأن الأصل غالبا ، كما أن البخل من شأن غير الأصيل غالبا ، وقد جرّب كل منهما مرارا في كل عصر ، فوحّد كذلك ، وصيرورة الدنيا إلى اللئيم ؛ بمعنى انتقال الدولة والمناصب إليه ، كما نشاهد في زماننا هذا.
فإن الأصيل مبعد ، والداعي الدخيل مقرّب ، وذلك مبغوض عند القلوب ، والبغض من علامات التفرقة ؛ ولذا قلّما اتفق نصرة اللئام ، ولو اتفق تحت راياتهم ألوف ، ثم إن اللئيم في الحقيقة ؛ هو البخيل بذكر الله ، كما دلّ عليه قوله صلىاللهعليهوسلم :
«لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله» (١) ، حتى ينقرض أهل الذكر المتّصل ؛ وهو ذكر أهل الله الاستغراق.
فاتصال أهل الذكر في جميع الأوقات يعدّ من الكرم ، كما ورد أنه صلىاللهعليهوسلم كأنه يذكر الله على كل أحيانه ؛ ولذا وصف بالجود والعطاء بحيث لا غاية له ، وأمّا انقطاعه في بعض الأوقات ؛ فيعدّ من البخل ، كما عليه أهل الغفلة والنسيان.
ومن أعظم النسيان : منع من ذكر الله تعالى عن الذكر ، وفي مثله ورد : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧] ؛ يعني : نسوا الله في أنفسهم حق لم يرضوا في حق غيرهم إلا النسيان ؛ ولذا منعوا من الذكر ، وحملوا الذكر على الترك ، والنسيان ؛ فنسيهم الله حيث لم يذكرهم في ملأ خير منهم ؛ وهم أهل النور أصحاب المكانة المثلى.
اللهم إني أسألك الذكر الكثير ، والخير الوفير ، والحضور الدائم ، والورد القائم ، والوارد الملائم.
٦٨ ـ في المرفوع : «عليكم بالشام» (٢) :
لم يرد صلىاللهعليهوسلم بالشام دمشق فقط ؛ بل أعمّ منها ، ومن غيرها من الشامات إلى آخر الأرض المقدّسة.
__________________
(١) رواه مسلم (١ / ١٣١) ، والترمذي (٤ / ٤٩٢).
(٢) رواه الترمذي (٤ / ٤٩٨).