الوقت ، فقد فات الوصول ، وأتمّ ما يوجد صلاة العصر في الأقطاب ، فمن (لم) (١) يلتحق بواحد منهم ؛ فقد بطل حاله.
١٢ ـ في الحديث الصحيح : «من تطهّر» (٢) : أشار بالتطهر إلى الانفصال عمّا سوى الله تعالى ، وهو صفة القلب ؛ ولذا قال :
«في بيته» (٣) : أي بيته المخصوص به الذي لا يكون إلا واحدا ليتسع واحدا.
كما قال تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [الأحزاب : ٤].
«ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة» أي : بعد تطهّر القلب عن دنس التعلّقات يعني : حتى يقدم الخلوص ، والإيقان ، والشهود إلى بيت من بيوت الله أي : إلى مقام من مقامات المعنوية ، كالاتصال ، فإنه يجمع بين المناجاة والقربة ، والشهود ، والوصول ، فيحصل الجمعية بعد التفرقة ، والحضور بعد الغيبوبة ، والتعبير بالبيت للمشالكة ، أو للتعظيم ، أو لأن المراد من دخول المساجد ؛ إنما هو الصلاة المشتملة على المناجاة المقتضية للمجالسة مع الله وهي في البيت ؛ والبيت في الحقيقة هو القلب ؛ لأنه هو الذي فرع لسكنى ستر الله العظيم فيه.
ولّما كان الصوفية المحققون من أهل القلوب المتجلّية بأنوار الغيب قيل : من أراد أن يجلس مع الله ، فليجلس مع أهل التصوف : أي ؛ لأن الله معهم في جميع المشاهد ؛ بل هي متجلّى في صورهم ، وإن جحدهم جاحد ؛ ليقضي فريضة من فرائض الله ، إشارة إلى قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم اقض عني ديني» (٤) وهي الأمانة الكبرى التي حملها الإنسان ، وهي الوصول إلى الله تعالى ، والأخذ عنه بلا واسطة ، وذلك فرض على القلوب والأرواح والأسرار ، فإنه الهدى الذي أتى إليه من الحق تعالى ، فمن تبع ذلك الهدى ، خلص عن البرازخ كلها ، ووصل إلى أعلى المنازل المحمودة ، كانت خطوتاه.
__________________
(١) زيادة لتمام السياق.
(٢) رواه مسلم (١ / ٤٦٢) ، وابن ماجه (١ / ٤٥٣).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره (٤ / ٥٢).