__________________
ـ وفي رواية عنه صلىاللهعليهوسلم : «إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم ، وإن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه : أي إن أوصاهم بذلك» انتهى.
قال الإمام القرطبي : قال العلماء : ليس للقلوب أنفع من زيارة القبور لا سيما إن كانت قاسية ، وذلك لما فيه من مزيد الاعتبار والتأمل فيما صار إليه أمرهم.
قال في كنز الأسرار : وما زال على ذلك أهل الفضل واليقين.
وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن زيارة القبور ثم نسخ النهي ، وأمر بعد ذلك بالزيارة لقوله صلىاللهعليهوسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تزهدكم في الدنيا وتذكركم الآخرة».
وفي رواية للطبراني في التفسير عن زيد بن ثابت : «زوروا القبور ولا تقولوا هجرا : أي قولا باطلا» ، وكلاما لا يعني بل المقصود الاشتغال بالاعتبار والتأمل والتدبر في أحوال الآخرة ، ولا ينبغي الاشتغال بغير ذلك من أكل وخلافه ، كالضحك مما ينافي التدبر المطلوب.
وفي الحديث قال العلّامة الأجهوري : روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : «أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم خرج إلى المقبرة وقال : السّلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، فنسأل الله لنا ولكم العافية».
قال : وعن ابن عبد البر بسند صحيح : «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليهالسلام».
وورد أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم زار قبر أمه وقبر عثمان بن مظعون.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «مرّ النبي صلىاللهعليهوسلم بقبور المدينة فأقبل عليها وقال : السّلام عليكم يا أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم ، أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» انتهى.
وفي الشيخ عبد الباقي : وأخرج بن أبي شيبة عن الحسن قال : من دخل المقابر فقال : اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا ، وهي بك مؤمنة ، أدخل عليها روحا منك وسلاما مني ، استغفر له كل مؤمن مات منذ خلق الله آدم» ، وأخرجه ابن أبي الدنيا بلفظ : «كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات» انتهى.
قال : وظاهر الأول استغفار من لم يدخل مقبرته أيضا ، وظاهر الثاني العموم في عددهم أيضا.
قال العلّامة الأمير : قوله : ابن أبي شيبة هو من مشايخ البخاري ، وقوله : روحا منك بفتح الراء : أي رحمة ، قال تعالى : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ)[الواقعة : ٨٩] انتهى.