أيضا ، كما شهد به النبي صلىاللهعليهوسلم.
وكان الغالب في نشأة الفاروق رضي الله عنه هو الشريعة ؛ ولذا اشتهر بالعدل ، ولم يزل يمشي مع الدرة ، ومن المعلوم انه من أرباب الكرامات والحالات أيضا ، سمع كلامه سارية من مسافة شهر ، وهو على المنبر النبوي يوم الجمعة.
وكذا كان الغالب في نشأة ذي النورين هو الطريقة ؛ ولذا كان مشغولا بالصيام والقيام وتلاوة القرآن إلى أن قبضه الله على المصحف ؛ وهو يقرأ قوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة : ١٣٧].
ومن المحال : أن يكون من عظماء الصحابة وخواصهم من غير أن يكون وجوده المحيط جامعا للكمالات كلها.
وكذا الغالب في نشأة المرتضى كرّم الله وجهه الحقيقة ، وذلك يقتضي أن يكون كاملا أيضا في مرتبة الشريعة والطريقة والمعرفة ، فإن باب الحقيقة لا يفتح إلا
__________________
ـ بينهم من البون كما بين النور والظلام ، والعلم والجهل التام.
فإن القوم تخلّقوا وهؤلاء تشدّقوا ، وأولئك اتّبعوا وهؤلاء ابتدعوا ، وأولئك على الحق ائتلفوا وهؤلاء اختلفوا ، والقوم ساروا وما وقفوا وهؤلاء وقفوا وتخلفوا ، أجمع أهل الحق على اتّباع الشريعة فخالفوهم ، وعلى مخالفة الشيطان وجنوده فحالفوهم ، وقد قلت سابقا محذرا من هذه الطائفة التي عليها دوائر السوء دائرة وبها طائفة.
ولا بدّ من معرفة الأخلاق الحسنة كالتقوى والزهد والورع ونحو ذلك واستعمالها ، ومعرفة الأخلاق السيئة كالحسد والحرص والرياء ونحوها واجتنابها ، ثم الدوام على ذلك من غير تحول عنه ، ومطالعة مواجيد العارفين من أهل الكمال ، والاقتباس من أنوارهم ، والمشي على طريقتهم مع محبتهم ، وتحسين الظن بهم وبكلامهم نثرا ونظما ، وإساءة الظن بنفسه إذا لم يفهم شيئا من مواجيدهم الإيمانية لكمالهم ونقصانه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم). وانظر : السيوف الحداد (ص ١٥) بتحقيقنا.