٥٢ ـ في صحيح مسلم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ؛ كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» (١)(٢) :
بنو آدم مائة وخمسة وعشرون جزءا : مائة في بلاد الهند ، والباقية فيما عداها من البلاد مطلقا كلهم في النار إلا جزءا واحدا هم أهل السنة ، والجماعة من المؤمنين
__________________
(١) رواه مسلم (٤ / ٢٠٤٥) ، والنسائي (٤ / ٤٤٣) بنحوه.
(٢) قال سيدي علي وفا : اسمع : قال الناطق المحمدي : «قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن» ، والأصابع هي مبادئ ، ولذلك يقال في لغة العرب : لفلان على رعيته إصبع حسنة : أي أثر ، ويريدون مبدأ الأثر ، وكل ما ظهوره من نتائج الظهور الآدمي ظهورا تولديّا خلقيّا ، فهو ابن آدم في المعنى ، وقال عن آدم : «خلقت بيدي» ، وهما النظام الجامع للأصابع.
فدائرة الوجوب اليمين الأقوى ، ودائرة الإمكان اليمين اليسرى ، وذلك بما لآدم من العين الذي هو في مرآة الإمكان مثال الواجب في إحاطية الخالق لآدم بذلك على صورته هو ، فظهر بذلك عالم الأسماء ، وسجد له ملك الأرض والسماء ، ولما تحقق العين المحمّدي بالحق الذي آدم على صورته ظهر بأنه روحه وسر حياته ، فسمّى حقّه نور السماوات والأرض ، وقال كليمه لسميعه : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)[الفتح : ١٠].
ومن تحجب عنه بمثاله الآدمي تسمّى له بأسماء نزوله عينا واسطة في تعليمه أسماء علاه غيبا ، وهذا هو الاسم الأكبر ، والروح هو الاسم الأعظم الأول حقيقة الثاني ، والثاني حقه ، والاسم عين المسمّى ، والباء الداخلة عليه في قوله : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)[الفاتحة : ١] ، إما زائدة يتم المعنى مع حذفها فيكون اسم خبر مبتدأ محذوفا تقديره : أنا ، أو نحو هذا ، أو للسبب ، فالتقدير : استفتح ، أو ابتدئ ، أو استفتاحي ، أو ابتدائي ، أو نحو هذا فكلّ صحيح ، فهو عين.
(الله) : وجوده الإحاطي بعلمه وحياته.
(الرحمن) : وجوده العقلي الروحاني.
(الرحيم) : وجوده الفعلي النفساني ، ومن خزائن الأول أفاض خلع المعارف ، ومن خزائن الثاني أفاض خلع الحكم ، ومن خزائن الثالث أفاض خلع الأحكام وفيضه ، بيديه كشفه وبيانه على القوابل الفهمية تبيينا ، وعلى القوابل الفعلية تكوينا ، فعلم فكوّن ، فعلم فردّ الكون إلى أصله ، فتأويل تكوينه في تنزيل تبيينه ، فمن نفر من حجابه الجاني سمعه وقال : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً)[الجن : ١ ، ٢].