تأخّر سليمان عن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وتأخر الموالي عن المماليك ؛ لأن صفة العبد هي الذلة ، والعجز ، والافتقار ، والمملوكية ، وبها تقدّمه عند الله تعالى.
كما أن صفة الرب ؛ هي العزّة ، والقدرة ، والغنى ، والمالكية ، وبها تأخّر العبد عند الله تعالى ؛ لأنه تلبّس بلباس الذات الإلهية ، ومن ثم لم يكن لأحد من الكمّل سوى الله تعالى ؛ فأخرجوا من ملكهم كل جليل ودقيق ، ولو كان قميصا يلبسونه ؛ فلبسوه بطريق العارية ، ومن له نصاب من الصوفيه ؛ يبقى إلى آخر السنة ، فليس له نصيب من أنصباء أهل الفقر ؛ فيبقى مع الأغنياء المتأخّرين عن درجات السابقين.
وكان من شأن الفقراء : فقراء الكفار يدخلون النار بعد أغنيائهم بخمسمائة عام على ما ذكره الشيخ المكي في «قوت القلوب» ؛ وذلك لأن لهم مشاركة لفقراء المؤمنين في صورة الفقر ، فإذا كان فقر المؤمن يستدعي تعجّله إلى الجنة قبل الغني ؛ كان فقر الكافر يقتضي تأخّره عن الغني في دخول النار.
فكان المؤمن الفقير أرفع درجة من الغني ، كما يوجبه سبقه إلى الجنة ، لا كما
__________________
ـ وأنا أسأل الله العظيم أن يعينني على الخير ويوفقني إلى قبوله ، وأسأل الواقفين على هذا الكلام أن يقبلوا عذري فيما تساهلت في تبيينه ، وتسامحت في تعليمه وتثبيته ، لأنني أمليته في بعض يوم على بعض الأصحاب والخاطر منقسم بالداخل إلى الخارج عنى ، ولم يتسع الوقت لتصفحه وتبديله.
ومن زعم أن يصل إلي ويباحثني ويطالبني فيه فأهلا وسهلا به.
ومن غلبت دعوته عليّ استطاعته يمهل عليه وتدفع الفائدة برفق إليه ، ولسان حالي يسلم للمنصف ويسلم عليه ، ولسان مقالتي يحمد الجميع ويعظم الكل.
ولقد أطلقت على الرجال في الكلام الأول ما نعلم ونتحققه أنه غير جار ولا جائز عند الأكثر.
ولكنى غلبت النصيحة على السياسة والحق أحق أن يتبع ، والسّلام على المنكر والمسلّم ، والعالم والمتعلم ، والغالط والمتغالط ورحمة الله وتعالى وبركاته.
وسميتها لأحد أولادي بالعرض ولكافة الفقراء ولجميع من انتسب إلي بالذات والصفات فيما بالقصد الأول ، ولجميع من ذكر بالقصد الثاني.
ومعاد التحية عليكم معشر الفقراء حيث كنتم من البسيطة ، ومن العوالم الثلاثة بحسب مراتبكم من عبد الله ، عبد الحق ، الكثير بالقول ، الواحد بالموضوع ، الواجب بآنيته ، الممكن بهويته ، ورحمة الله تعالى وبركاته. وانظر : الرسالة الفقيرية (ص ٨٢) بتحقيقنا.